" صفحة رقم ٤٥٧ "
وشعري شعري
كأنه قال : وشعري ما انتهى إليك وسمعت بفصاحته وبراعته، وقد جعل السابقون تأكيداً. وأولئك المقرّبون : خبراً وليس بذاك : ووقف بعضهم على : والسابقون ؛ وابتدأ السابقون أولئك المقرّبون، والصواب أن يوقف على الثاني، لأنه تمام الجملة، وهو في مقابلة : ما أصحاب الميمنة، وما أصحاب المشأمة ) المقربون ( الذين قربت درجاتهم في الجنة من العرش وأعليت مراتبهم. وقرىء :( في جنة النعيم ) والثلة : الأمة من الناس الكثيرة. قال : وَجَاءَتْ إلَيْهِمْ ثُلَّةٌ خِنْدِفِيَّة
بِجَيْشٍ كَتَيَّارٍ مِن السَّيّلِ مُزْبِدِ
وقوله عز وجل :) وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ( كفى به دليلاً على الكثرة، وهي من الثل وهو الكسر، كما أنّ الأمّة من الأمّ وهو الشج، كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم. والمعنى : أنّ السابقين من الأوّلين كثير، وهم الأمم من لدن آدم عليه السلام إلى محمد ( ﷺ ) ) وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ( وهم أمّة محمد ( ﷺ ). وقيل :) مّنَ الاْوَّلِينَ ( من متقدّمي هذه الأمة، و ) مّنَ الاْخِرِينَ ( من متأخريها. وعن النبي ( ﷺ ) :
( ١١٢٠ ) ( الثلثان جميعاً من أمّتي ). فإن قلت : كيف قال : وقليل من الآخرين، ثم قال :) وَثُلَّةٌ مّنَ الاْخِرِينَ ( ؟ قلت : هذا في السابقين وذلك في أصحاب اليمين ؛ وأنهم يتكاثرون من الأولين والآخرين جميعاً. فإن قلت : فقد روى أنها لما نزلت شق ذلك على المسلمين، فما زال رسول الله ( ﷺ ) يراجع ربه حتى نزلت ) ثَالِثُ مّنَ الاْوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ( ( الواقعة : ٣٩ ٤٠ ). قلت : هذا لا يصح لأمرين، أحدهما : أنّ هذه الآية واردة في السابقين وروداً ظاهراً، وكذلك الثانية في أصحاب اليمين. ألا ترى كيف عطف أصحاب اليمين ووعدهم، على السابقين ووعدهم، والثاني : أنّ النسخ في الأخبار غير جائز وعن الحسن رضي الله عنه : سابقو الأمم أكثر من سابقي أمّتنا، وتابعو الأمم مثل


الصفحة التالية
Icon