" صفحة رقم ٤٦٥ "
زعاقاً لا يقدر على شربه. فإن قلت : لم أدخلت اللام على جواب ( لو ) في قوله :) لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً ( ( الواقعة : ٦٥ ) ونزعت منه ههنا ؟ قلت : إنّ ( لو ) لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط، ولم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة مثلها، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقاً من حيث إفادتها في مضموني جملتيها أنّ الثاني امتنع لامتناع الأوّل : افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علماً على هذا التعلق، فزيدت هذه اللام لتكون علماً على ذلك، فإذا حذفت بعد ما صارت علماً مشهوراً مكانه، فلأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفاً ومأنوساً به : لم يبال بإسقاطه عن اللفظ، استغناء بمعرفة السامع. ألا ترى إلى ما يحكى عن رؤبة أنه كان يقول : خير، لمن قال له : كيف أصبحت ؟ فحذف الجار لعلم كل أحد بمكانه. وتساوي حالي حذفه وإثباته لشهرة أمره. وناهيك بقول أوس : حَتى إذَا الْكلاَّبُ قَالَ لَهَا
كَالْيَوْمِ مَطْلُوباً وَلاَ طَلَبَا
وحذفه ( لم أر ) فإذن حذفها اختصار لفظي وهي ثابتة في المعنى، فاستوى الموضعان بلا فرق بينهما ؛ على أن تقدم ذكرها والمسافة قصيرة مغن عن ذكرها ثانية ونائب عنه. ويجوز أن يقال : إنّ هذه اللام مفيدة مغنى التوكيد لا محالة، فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب، للدلالة على أن أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب، وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب، من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعاً للمطعوم. ألا ترى أنك إنما تسقى ضيفك بعد أن تطعمه، ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء : إذَا سُقِيَتْ ضُيُوفُ النَّاسِ مَحْضا
سَقَوْا أَضْيَافَهُمْ شَبَماً زَلاَلاَ
وسقى بعض العرب فقال : أنا لا أشرب إلا على ثميلة ؛ ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب.
) أَفَرَءَيْتُمُ النَّارَ الَّتِى تُورُونَ أَءَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (
الواقعة :( ٧١ ) أفرأيتم النار التي.....
) تُورُونَ ( تقدحونها وتستخرجونها من الزناد والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما