" صفحة رقم ٥٠٠ "
الخشب والحجارة ليسدّوا بها أفواه الأزقة. وأن لا يتحسروا بعد جلائهم على بقائها مساكن للمسلمين، وأن ينقلوا معهم ما كان في أبنيتهم من جد الخشب والساج المليح. وأما المؤمنون فداعيهم إزالة متحصنهم ومتمنعهم. وأن يتسع لهم مجال الحرب. فإن قلت : ما معنى تخريبهم لها بأيدي المؤمينن ؟ قلت : لما عرضوهم لذلك وكانوا السبب فيه فكأنهم أمروهم به وكلفوهم إياه ) فَاعْتَبِرُواْ ( بما دبر الله ويسر من أمر إخراجهم وتسليط المسلمين عليهم من غير قتال. وقيل : وعد رسول الله ( ﷺ ) المسلمين أن يورثهم الله أرضهم وأموالهم بغير قتال، فكان كما قال ب :
) وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (
الحشر :( ٣ ) ولولا أن كتب.....
يعني : أنّ الله قد عزم على تطهير أرض المدينة منهم وإراحة المسلمين من جوارهم وتوريثهم أموالهم، فلولا أنه كتب عليهم الجلاء واقتضته حكمته ودعاه إلى اختياره أنه أشق عليهم من الموت ) لَعَذَّبَهُمْ فِى الدُّنْيَا ( بالقتل كما فعل بإخوانهم بني قريظة ) وَلَهُمْ ( سواء أجلوا أو قتلوا ) عَذَابَ النَّارِ ( يعني : إن نجوا من عذاب الدنيا لم ينجوا من عذاب الآخرة.
) مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَاسِقِينَ (
الحشر :( ٥ ) ما قطعتم من.....
) مّن لّينَةٍ ( بيان لما قطعتم. ومحل ( ما ) نصب بقطعتم، كأنه قال : أي شيء قطعتم، وأنث الضمير الراجع إلى ما في قوله :) أَوْ تَرَكْتُمُوهَا ( لأنه في معنى اللينة. واللينة : النخلة من الألوان، ضروب النخل ما خلا العجوة. والبرنية، وهما أجود النخيل، وياؤها عن واو، قلبت لكسرة ما قبلها، كالديمة. وقيل :( اللينة ) النخلة الكريمة، كأنهم اشتقوها من اللين. قال ذو الرمّة : كَأَنَّ قُتُودِي فَوْقَهَا عُشُّ طَائِر
عَلَى لِينَةٍ سَوْقَاءَ تَهْفُو جُنُوبُهَا