" صفحة رقم ٥٠٧ "
اقتتلوا ؛ ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدّة ؛ لأنّ الشجاع يجبن والعزيز يذل عند محاربة الله ورسوله ) تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً ( مجتمعين ذوي ألفة واتحاد ) وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ( متفرقة لا ألفة بينها، يعني. أنّ بينهم إحنا وعداوات، فلا يتعاضدون حق التعاضد، ولا يرمون عن قوس واحدة. وهذا تجسير للمؤمنين وتشجيع لقلوبهم على قتالهم ) قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ( أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم ويعين على أرواحهم ) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ( أي مثلهم كمثل أهل بدر في زمان قريب. فإن قلت : بم انتصب ) قَرِيبًا ( ؟ قلت : بمثل، على : كوجود مثل أهل بدر قريباً ) ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ ( سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله ( ﷺ )، من قولهم كلأ وبيل : وخيم سيء العاقبة، يعني ذاقوا عذاب القتل في الدنيا ) وَلَهُمْ ( في الآخرة عذاب النار. مثل المنافقين في إغرائهم اليهود على القتال ووعدهم إياهم النصر، ثم متاركتهم لهم وإخلافهم ) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ ( إذا استغوى الإنسان بكيده ثم تبرأ منه في العاقبة، والمراد استغواؤه قريشاً يوم بدر ؛ وقوله لهم :) لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ ( ( الأنفال : ٤٨ ) إلى قوله :) إِنّى بَرِىء مّنكَ ( وقرأ ابن مسعود :( خالدان فيها )، على أنه خبر أنّ، و ) فِى النَّارِ ( لغو، وعلى القراءة المشهورة : الظرف مستقر، وخالدين فيها : حال. وقرىء :( أنا بريء ) وعاقبتهما بالرفع.
) ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَائِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (
الحشر :( ١٨ ) يا أيها الذين.....
كرر الأمر بالتقوى تأكيداً : واتقوا الله في أداء الواجبات ؛ لأنه قرن بما هو عمل، واتقوا الله في ترك المعاصي لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد. والغد : يوم القيامة، سماه باليوم الذي يلي يومك تقريباً له وعن الحسن : لم يزل يقربه حتى جعله كالغد.