" صفحة رقم ٥٧٠ "
زال التغافل من فعل الكرام. وقرىء :( عرف بعضه )، أي : جاز عليه، من قولك للمسيء : لأعرفن لك ذلك، وقد عرفت ما صنعت. ومنه : أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم، وهو كثير في القرآن ؛ وكان جزاؤه تطليقه إياها. وقيل : المعرف : حديث الإمامة، والمعرض عنه : حديث مارية : وروي أنه ( ﷺ ) قال لها : ألم أقل لك اكتمي عليّ، قالت : والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي فرحاً بالكرامة التي خص الله بها أباها. فإن قلت : هلا قيل : فلما نبأت به بعضهن وعرفها بعضه ؟ قلت : ليس الغرض بيان من المذاع إليه ومن المعرف، وإنما هو ذكر جناية حفصة في وجود الإنباء به وإفشائه من قبلها، وأن رسول الله ( ﷺ ) بكرمه وحلمه، لم يوجد منه إلا الإعلام ببعضه، وهو حديث الإمامة. ألا ترى أنه لما كان المقصود في قوله :) فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَاذَا ( ذكر المنبأ. كيف أتى بضميره.
) إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَالِكَ ظَهِيرٌ (
التحريم :( ٤ ) إن تتوبا إلى.....
) إِن تَتُوبَا ( خطاب لحفصة وعائشة على طريقة الالتفات، ليكون أبلغ في معاتبتهما. وعن ابن عباس :
( ١٢١١ ) لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر عنهما حتى حج وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل وعدلت معه بالإداوة، فسكبت الماء على يده فتوضأ، فقلت : من هما ؟ فقال : عجباً يا ابن عباس كأنه كره ما سألته عنه ثم قال : هما حفصة وعائشة ) فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ( فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالصة رسول الله ( ﷺ ) من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه. وقرأ ابن مسعود :( فقد زاغت ) ) وَإِن تَظَاهَرَا ( وإن تعاونا ) عَلَيْهِ ( بما يسوءه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره، فلن يعدم هو من يظاهره، وكيف يعلم المظاهر من الله مولاه أي وليه وناصره ؛ وزيادة ) هُوَ ( إيذان بأن نصرته عزيمة من عزائمه، وأنه يتولى ذلك بذاته ) وَجِبْرِيلُ ( رأس الكروبيين ؛ وقرن ذكره بذكره مفرداً له من بين الملائكة تعظيماً له وإظهاراً لمكانته عنده ) وَصَالِحُ ( ومن صلح من المؤمنين، يعني : كل من آمن وعمل صالحاً. وعن سعيد بن جبير : من برىء منهم من النفاق. وقيل : الأنبياء وقيل : الصحابة. وقيل :