" صفحة رقم ٥٩٦ "
أن يتم لهم مرادهم من الصرام والحرمان ) قَالُواْ ( في بديهة وصولهم ) إِنَّا لَضَالُّونَ ( أي ضللنا جنتنا، وما هي بها لما رأوا من هلاكها ؛ فلما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا :) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ( حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا ) أَوْسَطُهُمْ ( أعدلهم وخيرهم، من قولهم : هو من سطة قومه، وأعطني من سلطات مالك. ومنه قوله تعالى :) أُمَّةً وَسَطًا ( ( البقرة : ١٤٣ ). ) لَوْلاَ تُسَبّحُونَ ( لولا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم، كأن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك : اذكروا الله وانتقامه من المجرمين، وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة من فوركم، وسارعواإلى حسم شرها قبل حلول النقمة، فعصوه فعيرهم. والدليل عليه قولهم :) سُبْحَانَ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ( فتكلموا بما كان يدعوهم إلى التكلم به على أثر مقارفة الخطيئة، ولكن بعد خراب البصرة. وقيل : المراد بالتسبيح. الاستثناء لالتقائهما في معنى التعظيم لله، لأنّ الاستثناء تفويض إليه، والتسبيح تنزيه له ؛ وكل واحد من التفويض والتنزيه تعظيم. وعن الحسن : هو الصلاة، كأنهم كانوا يتوانون في الصلاة ؛ وإلاّ لنهتهم عن الفحشاء والمنكر، ولكانت لهم لطفاً في أن يستثنوا ولا يحرموا ) سُبْحَانَ رَبّنَا ( سبحوا الله ونزهوه عن الظلم وعن كل قبيح، ثم اعترفوا بظلمهم في منع المعروف وترك الاستثناء ) يَتَلَاوَمُونَ ( يلوم بعضهم بعضاً ؛ لأنّ منهم من زين، ومنهم من قبل، ومنهم من أمر بالكف وعذر ومنهم من عصى الأمر، ومنهم من سكت وهو أراض ) أَن يُبْدِلَنَا ( قرىء بالتشديد والتخفيف ) إِلَى رَبّنَا راغِبُونَ ( طالبون منه الخير راجون لعفوه ) كَذَلِكَ الْعَذَابُ ( مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة عذاب الدنيا ) وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ ( أشد وأعظم منه، وسئل قتادة عن أصحاب الجنة : أهم من أهل الجنة أم من أهل النار ؟ فقال : لقد كلفتني تعباً. وعن مجاهد : تابوا فأبدلوا خيراً منها. وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه : بلغني أنهم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان : فيها عنب يحمل البغل منه عنقوداً.
) إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (
القلم :( ٣٤ ) إن للمتقين عند.....
) عِندَ رَبّهِمْ ( أي في الآخرة ) جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( ليس فيها إلا التنعم الخالص، لا يشوبه ما ينغصه كما يشوب جنان الدنيا.
) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (
القلم :( ٣٥ ) أفنجعل المسلمين كالمجرمين
كان صناديد قريش يرون وفور حظهم من الدنيا وقلة حظوظ المسلمين منها، فإذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد الله المسلمين قالوا : إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد