" صفحة رقم ٦١٦ "
زيها : تضييعها وإبطالها.
) فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الاٌّ جْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ (
المعارج :( ٣٦ ) فمال الذين كفروا.....
كان المشركون يحتفون حول النبي ( ﷺ ) حلقاً حلقاً وفرقاً فرقاً، يستمعون ويستهزؤون بكلامه. ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم، فنزلت ) مُهْطِعِينَ ( مسرعين نحوك، مادّى أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك ) عِزِينَ ( فرقا شتى جمع عزة، وأصلها عزوة، كأن كل فرقة تعتزى إلى غير من تعتزى إليه الأخرى : فهم مفترقون. قال الكميت. وَنَحْنُ وَجَنْدَلٌ بَاغٍ تَرَكْنَا
كَتَائِبَ جَنْدَكٍ شَتَّى عِزِيناً
وقيل : كان المستهزؤون خمسة أرهط ) كَلاَّ ( ردع لهم عن طمعهم في دخول الجنة، ثم علل ذلك بقوله :) إِنَّا خَلَقْنَاهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ ( إلى آخر السورة، وهو كلام دال على إنكارهم البعث، فكانه قال : كلا إنهم منكرون للبعث والجزاء ؛ فمن أين يطعمون في دخول الجنة ؟ فإن قلت : من أي وجه دل هذا الكلام على إنكار البعث ؟ قلت : من حيث أنه احتجاج عليهم بالنشأة الأولى، كالاحتجاج بها عليهم في مواضع من التنزيل، وذلك قوله :) خَلَقْنَاهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ ( أي من النطف، وبالقدرة على أن يهلكهم ويبدل ناساً خيراً منهم، وأنه ليس بمسبوق على ما يريد تكوينه لا يعجزه شيء، والغرض أن من قدر على ذلك لم تعجزه الإعادة. ويجوز أن يراد : إنا خلقناهم مما يعلمون، أي : من النطفة المذرة، وهي منصبهم الذي لا منصب أوضع منه. ولذلك أبهم وأخفى : إشعاراً بأنه منصب يستحيا من ذكره، فمن أين يتشرفون ويدعون التقدم ويقولون : لندخلن الجنة قبلهم. وقيل : معناه إنا خلقناهم من نطفة كما خلقنا بني آدم كلهم، ومن حكمنا أن لا يدخل أحد منهم الجنة إلا بالإيمان والعمل الصالح، فلم يطمع أن يدخلها من ليس له إيمان وعمل. وقرىء :( برب المشرق والمغرب ) ويخرجون، ويخرجون ومن الأجداث سراعاً، بالإظهار والإدغام. ونصب، ونصب : وهو كل ما نصب فعبد من دون الله