" صفحة رقم ٦٢١ "
يلي السماء وظهورهما مما يلي الأرض ) وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً ( يبصر أهل الدنيا في ضوئها كما يبصر أهل البيت في ضوء السراج ما يحتاجون إلى أبصاره، والقمر ليس كذلك، إنما هو نور لم يبلغ قوّة ضياء الشمس. ومثله قوله تعالى :) هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً ( ( يونس : ٥ )، والضياء : أقوى من النور. استعير الإنبات للإنشاء، كما يقال : زرعك الله للخير، وكانت هذه الاستعارة أدلّ على الحدوث، لأنهم إذا كانوا نباتاً كانوا محدثين لا محالة حدوث النبات : ومنه قيل للحشوية : النابتة والنوابت، لحدوث مذهبهم في الإسلام من غير أوّلية لهم فيه. ومنه قولهم : نجم فلان لبعض المارقة. والمعنى : أنبتكم فنبتم نباتاً. أو نصب بأنبتكم لتضمنه معنى نبتم ) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ( مقبورين ثم ) يُخْرِجُكُمْ ( يوم القيامة، وأكده بالمصدر كأنه قال يخرجكم حقاً ولا محالة جعلها بساطاً مبسوطة تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه ) فِجَاجاً ( واسعة منفجة.
) قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً (
نوح :( ٢١ - ٢٤ ) قال نوح رب.....
) وَاتَّبِعُواْ ( رؤسهم المقدمين أصحاب الأموال والأولاد، وارتسموا ما رسموا لهم من التمسك بعبادة الأصنام، وجعل أموالهم وأولادهم التي لم تزدهم إلا وجاهة ومنفعة في الدنيا زائدة ) خَسَارًا ( في الآخرة، وأجرى ذلك مجرى صفة لازمة لهم وسمة يعرفون بها، تحقيقاً له وتثبيتاً، وإبطالاً لما سواه. وقرىء :( وولده ) بضم الواو وكسرها ) وَمَكَرُواْ ( معطوف على لم يزده، وجمع الضمير وهو راجع إلى من ؛ لأنه في معنى الجمع والماكرون : هم الرؤساء ومكرهم : احتيالهم في الدين وكيدهم لنوح، وتحريش الناس على أذاه، وصدّهم عن الميل إليه والاستماع منه. وقولهم لهم : لانذرون آلهتكم إلى عبادة رب نوح ) مَكْراً كُبَّاراً ( قرىء بالتخفيف والتثقيل. والكبار كبر من الكبير والكبار أكبر من الكبار، ونحوه : طوال وطوّال ) وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً ( كأن هذه المسميات كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم، فخصوها بعد قولهم ) لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ ( وقد انتقلت هذه الأصنام عن قوم نوح إلى العرب، فكان ودّ لكلب، وسواع لهمذان، ويغوث لمذحج، ويعوق لمراد، ونسر لحمير ؛ ولذلك سمت العرب بعبد ودّ وعبد يغوث، وقيل هي أسماء رجال صالحين. وقيل : من أولاد آدم ماتوا، فقال إبليس لمن بعدهم : لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم، ففعلوا ؛ فلما مات أولئك قال لمن بعدهم : إنهم كانوا يعبدونهم ؛ فعبدوهم. وقيل : كان ودّ على صورة رجل، وسواع على صورة امرأة،


الصفحة التالية
Icon