" صفحة رقم ٦٣٧ "
وَكَائِنْ تَخَطَّتْ نَاقتِي مِنْ مَفَازَة
وَمِنْ نَائِمٍ عَنْ لَيْلِهَا مُتَزَمِّلِ
يريد : الكسلان المتقاعس الذي لا ينهض في معاظم الأمور وكفايات الخطوب، ولا يحمل نفسه المشاق والمتاعب، ونحوه : فَأَنْتَ بِهِ حُوشَ الْفُؤَادِ مُبَطَّنا
سُهُداً إذَا مَا نَامَ لَيْلُ الْهَوْجَلِ
وفي أمثالهم : أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِل
مَا هكَذَا تُورَدُ يَا سَعْدُ الإِبِلْ
فذمه بالاشتمال بكسائه، وجعل ذلك خلاف الجلد والكيس، وأمر بأن يختار على الهجود التهجد، وعلى التزمل التشمر، والتخفف للعبادة والمجاهدة في الله، لا جرم أنّ رسول الله ( ﷺ ) قد تشمر لذلك مع أصحابه حتى التشمر، وأقبلوا على إحياء لياليهم، ورفضوا له الرقاد والدعة، وتجاهدوا فيه حتى انتفخت أقدامهم واصفرت ألوانهم، وظهرت السيمى في وجوههم وترامى أمرهم إلى حد رحمهم له ربهم. فخفف عنهم. وقيل كان متزملا في مرط لعائشة يصلي، فهو على هذا ليس بتهجين، بل هو ثناء عليه وتحسين لحاله التي كان عليها، وأمر بأن يدوم على ذلك ويواظب عليه. وعن عائشة رضي اللَّه عنها : أنها سئلت ما كان تزميله ؟ قالت : كان مرطا طوله أربع عشرة ذراعاً نصفه علي وأنا نائمة ونصفه عليه وهو يصلي، فسئلت : ما كان ؟ قالت : والله ما كان خزاً ولا قزاً ولا مر عزي ولا إبريسما ولا صوفاً : كان سداه شعراً ولحمته وبراً. وقيل : دخل على خديجة، وقد جئت فرقا أول ما أتاه جبريل وبوادره ترعد، فقال : زملوني زملوني، وحسب أنه عرض له ؛ فبينا هو على ذلك إذ ناداه جبريل : يا أيها المزمل. وعن عكرمة : أنّ المعنى : يا أيها الذي زمل أمراً عظيماً، أي : حمله، والزمل :


الصفحة التالية
Icon