" صفحة رقم ٦٤٧ "
خديجة وقال : دثروني وصبوا عليّ ماء بارداً، فنزل : يا أيها المدثر. وقيل : سمع من قريش ما كرهه فاغتم، فتغطى بثوبه مفكراً كما يفعل المغموم. فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه. وعن عكرمة أنه قرأ على لفظ اسم المفعول. من دثره. وقال : دثرت هذا الأمر وعصب بك، كما قال في المزمّل : قم من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم ) فَأَنذِرْ ( فحذر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا. والصحيح أنّ المعنى : فأفعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد ) وَرَبَّكَ فَكَبّرْ ( واختص ربك بالتكبير : وهو الوصف بالكبرياء ؛ وأن يقال : الله أكبر. ويروي :
( ١٢٤٦ ) أنه لما نزل قال رسول الله ( ﷺ ) :( الله أكبر ) فكبرت خديجة وفرحت، وأيقنت أنه الوحي ؛ وقد يحمل على تكبير الصلاة، ودخلت الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل : وما كان فلا تدع تكبيره ) وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ ( أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسة ؛ لأنّ طهارة الثياب شرط في الصلاة لا تصح إلا بها، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة، وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثاً. وقيل : هو أمر بتقصيرها، ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول، وذلك ما لا يؤمن معه إصابة النجاسات. وقيل : هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال ويستهجن من العادات. يقال : فلان طاهر الثياب وطاهر الجيب والذيل والأردان إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق. وفلان دنس الثياب للغادر ؛ وذلك لأنّ الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه، فكنى به عنه. ألا ترى إلى قولهم : أعجبني زيد ثوبه، كما يقولون : أعجبني زيد عقله وخلقه، ويقولون : المجد في ثوبه، والكرم تحت حلته ؛ ولأنّ الغالب أنّ من طهر باطنه ونقاه عنى بتطهير الظاهر وتنقيته، وأبي إلا اجتناب الخبث وإيثار الطهر في كل شيء ( والرجز ) قرىء بالكسر والضم، وهو العذاب، ومعناه : اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها من المآثم. والمعنى : الثبات على هجره ؛ لأنه كان بريثاً منه.
) وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (
المدثر :( ٦ ) ولا تمنن تستكثر
قرأ الحسن ( ولا تمنّ ) ( وتستكثر ) مرفوع منصوب المحل على الحال، أي : ولا