" صفحة رقم ٦٥٥ "
) كَلاَّ وَالْقَمَرِ وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً لِّلْبَشَرِ لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (
المدثر :( ٣٢ ) كلا والقمر
) كَلاَّ ( إنكار بعد أن جعلها ذكرى أن تكون لهم ذكرى، لأنهم لا يتذكرون، أو ردع لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيراً. و ) دُبُرٍ ( بمعنى أدبر، كقبل بمعنى أقبل. ومنه صاروا كأمس الدابر. وقيل : هو من دبر الليل والنهار إذا خلفه. وقرىء ( إذا أدبر ) ) إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ ( جواب القسم أو تعليل لكلا، والقسم معترض للتوكيد. والكبر : جمع الكبرى، جعلت ألف التأنيث كتائها، فلما جمعت فعلة على فعل : جمعت فعلى عليها، ونظير ذلك : السوافي في جمع السافياء. والقواصع في جمع القاصعاء، كأنها جمع فاعلة، أي : لإحدى البلايا أو الدواهي الكبر، ومعنى كونها إحداهنّ : أنها من بينهن واحدة في العظم لا نظيرة لها. كما تقول : هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء و ) نَذِيراً ( تمييز من إحدى، على معنى : إنها لإحدى الدواهي إنذاراً، كما تقول : هي إحدى النساء عفافاً. وقيل هي حال. وقيل : هو متصل بأوّل السورة، يعني : قم نذيراً، وهو من بدع التفاسير. وفي قراءة أبي ( نذير ) بالرفع خبر بعد خبر ( لأن ) أو بحذف المبتدأ ) أَن يَتَقَدَّمَ ( في موضع الرفع بالابتداء. ولمن شاء : خبر مقدّم عليه، كقولك : لمن توضأ أن يصلي ؛ ومعناه مطلق لمن شاء التقدّم أو التأخر أن يتقدّم أو يتأخر، والمراد بالتقدّم والتأخر : السبق إلى الخير والتخلف عنه : وهو كقوله :) فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ( ( الكهف : ٢٩ )، ويجوز أن يكون ) لِمَن شَآءَ ( بدلاً من ) لّلْبَشَرِ ( على أنها منذرة للمكلفين الممكنين : الذين إن شاؤا تقدّموا ففازوا وإن شاؤا تأخروا فهلكوا.
) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِى جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الُخَآئِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (
المدثر :( ٣٨ ) كل نفس بما.....
) رَهِينَةٌ ( ليست بتأنيث رهين في قوله :) كُلُّ امْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ ( ( الطور : ٢١ )، لتأنيث النفس ؛ لأنه لو قصدت الصفة لقيل : رهين ؛ لأنّ فعيلاً بمعنى مفعول يستوى فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي اسم بمعنى الرهن، كالشتيمة بمعنى الشتم، كأنه قيل : كل نفس بما كسبت رهن، ومنه بيت الحماسة :


الصفحة التالية
Icon