" صفحة رقم ٦٧٤ "
في ) حَسِبْتَهُمْ ( أي يطوف عليهم ولدان عالياً للمطوف عليهم ثياب. أو حسبتهم لؤلؤاً عالياً لهم ثياب. ويجوز أن يراد : رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب. وعاليتهم : بالرفع والنصب على ذلك. وعليهم. وخضر وإستبرق : بالرفع، حملا على الثياب بالجر على السندس. وقرىء ( وإستبرق ) نصباً في موضع الجر على منع الصرف لأنه أعجمي، وهو غلط لأنه نكرة يدخله حرف التعريف ؛ تقول : الإستبرق، إلا أن يزعم ابن محيصن أنه قد يجعل علماً لهذا الضرب من الثياب. وقرىء ( واستبرق )، بوصل الهمزة والفتح : على أنه مسمى باستفعل من البريق، وليس بصحيح أيضاً : لأنه معرب مشهور تعريبه، وأنّ أصله : استبره ) وَحُلُّواْ ( عطف على ) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ ( ( الإنسان : ١٥ ). فإن قلت : ذكر ههنا أنّ أساورهم من فضة، وفي موضع آخر أنها من ذهب. قلت : هب أنه قيل وحلوا أساور من ذهب ومن فضة، وهذا صحيح لا إشكال فيه، على أنهم يسورون بالجنسين : إما على المعاقبة، وإما على الجمع، كما تزاوج نساء الدنيا بين أنواع الحلى وتجمع بينها، وما أحسن بالمعصم أن يكون فيه سواران : سوار من ذهب، وسوار من فضة ) شَرَاباً طَهُوراً ( ليس برجس كخمر الدنيا ؛ لأنّ كونها رجساً بالشرع لا بالعقل، وليست الدار دار تكليف. أو لأنه لم يعصر فتمسه الأيدي الوضرة، وتدوسه الأقدام الدنسة، ولم يجعل في الدنان والأباريق التي لم يعن بتنظيفها. أو لأنه لا يئول إلى النجاسة لأنه يرشح عرقاً من أبدانهم له ريح كريح المسك. أي : يقال لأهل الجنة ) إِنَّ هَاذَا ( وهذا إشارة إلى ما تقدّم من عطاء الله لهم : ما جوزيتم به على أعمالكم وشكر به سعيكم، والشكر مجاز.
) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ تَنزِيلاً فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (
الإنسان :( ٢٣ ) إنا نحن نزلنا.....
تكرير الضمير بعد إيقاعه إسماً لانّ : تأكيد على تأكيد لمعنى اختصاص الله بالتنزيل، ليتقرّر في نفس رسول الله ( ﷺ ) أنه إذا كان هو المنزل لم يكن تنزيله على أي وجه نزل إلا حكمة وصواباً، كأنه قيل : ما نزّل عليك القرآن تنزيلاً مفرقاً منجماً إلا أنا لا غيري، وقد عرفتني حكيماً فاعلاً لكل ما أفعله بدواعي الحكمة ؛ ولقد دعتني حكمة بالغة إلى أن أنزل عليك الأمر بالمكافة والمصابرة، وسأنزل عليك الأمر بالقتال والانتقام بعد حين ) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ ( الصادر عن الحكمة وتعليقه الأمور بالمصالح، وتأخيره نصرتك