" صفحة رقم ٧٢٠ "
الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ) وعن علي رضي الله عنه : أنه مر برجل يزن الزعفران وقد أرجح فقال له : أقم الوزن بالقسط، ثم أرجح بعد ذلك ما شئت. كأنه أمره بالتسوية أولا ليعتادها ويفصل الواجب من النفل. وعن ابن عباس : إنكم معشر الأعاجم وليتم أمرين : بهما هلك من كان قبلكم : المكيال والميزان ؛ وخص الأعاجم لأنهم يجمعون الكيل والوزن جميعاً وكانا مفرّقين في الحرمين : كان أهل مكة يزنون وأهل المدينة يكيلون، وعن ابن عمر أنه كان يمر بالبائع فيقول له : اتق الله وأوف الكيل، فإنّ المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن حتى إن العرق ليلجمهم. وعن عكرمة : أشهد أنّ كل كيال ووزان في النار. فقيل له : إنّ ابنك كيال أو وزان ؛ فقال : أشهد أنه في النار. وعن أبيّ رضي الله عنه : لا تلتمس الحوائج ممن رزقه في رؤوس المكاييل وألسن الموازين لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالاً يضرهم ويتحامل فيه عليهم : أبدل ( على ) مكان ( من ) للدلالة على ذلك. ويجوز أن يتعلق ( على ) بيستوفون، ويقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية، أي : يستوفون على الناس خاصة ؛ فأما أنفسهم فيستوفون لها ؛ وقال الفراء ( من ) و ( على ) يعتقبان في هذا الموضع، لأنه حق عليه ؛ فإذا قال اكتلت عليك، فكأنه قال : أخذت ما عليك ؛ وإذا قال : اكتلت منك، فكقوله : استوفيت منك. والضمير في ) كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ ( ضمير منصور راجع إلى الناس. وفيه وجهان : أن يراد كالوا لهم أو وزنوا لهم ؛ فحذف الجار وأوصل الفعل، كما قال : وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وَعَسَاقِلا
وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ نَبَاتِ الأوْبَرِ
والحريص يصيدك لا الجواد، بمعنى : جنيت لك، ويصيد لك، وأن يكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، والمضاف هو المكيل أو الموزون، ولا يصح أن يكون ضميراً مرفوعاً للمطففين، لأنّ الكلام يخرج به إلى نظم فاسد ؛ وذلك أنّ


الصفحة التالية
Icon