" صفحة رقم ٧٣١ "
وصبرهم وثباتهم، حتى يأنسوا بهم ويصبروا على ما كانوا يلقون من قومهم، ويعلموا أن كفارهم عند الله بمنزلة أولئك المعذبين المحرقين بالنار، ملعونون أحقاء بأن يقال فيهم : قتلت قريش، كما قيل : قتل أصحاب الأخدود وقتل : دعاء عليهم، كقوله :) قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ( ( عبس : ١٧ ) وقرىء ( قتل ) بالتشديد. والأخدود : الخدّ في الأرض وهو الشق، ونحوهما بناء ومعنى : الخق والأخقوق. ومنه فساخت قوائمه في أخاقيق جرذان. روي عن النبي ( ﷺ ) أنه قال :
( ١٢٨٤ ) كان لبعض الملوك ساحر، فلما كبر ضمّ إليه غلاماً ليعلمه السحر، وكان في طريق الغلام راهب : فسمع منه، فرأى في طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس. فأخذ حجراً فقال : اللهم ءن كان الراهب أحبّ إليك من الساحر فاقتلها ؛ فكان الغلام بعد ذلك يبريء الأكمه والأبرص، ويشفي من الأدواء، وعمى جليس للملك فأبرأه فأبصره الملك فسأله فقال : من ردّ عليك بصرك ؟ فقال : ربي، فغضب فعذبه. فدل على الغلام فعذبه، فدل على الراهب، فلم يرجع الراهب عن دينه، فقدّ بالمنشار وأبي الغلام فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته، فدعا فرجف بالقوم، فطاحوا ونجا، فذهب به إلى قرقور فلججوا به ليغرقوه، فدعا فانكفأت بهم السفينة، فغرقوا ونجا، فقال للملك : لست بقاتلي حتى تجعل الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول : بسم الله رب الغلام، ثم ترميني به، فرماه فرقع في صدغه فوضع يده عليه ومات ؛ فقال الناس : أمنا برب الغلام ؛ فقيل للملك. نزل بك ما كنت تحذر ؛ فأمر بأخاديد في أفواه السكك وأوقدت فيها النيران فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست أن تقع فيها، فقال الصبي : يا أماه، أصبري فإنك على الحق ؛ فاقتحمت. وقيل : قال لها قعى ولا تنافقي. وقيل : قال لها ما هي إلا غميضة فصبرت. وعن علي رضي الله عنه :


الصفحة التالية
Icon