" صفحة رقم ٧٥٥ "
وسلطانه : مثلت حاله في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور عساكره كلها ووزرائه وخواصه عن بكرة أبيهم ) صَفّاً صَفّاً ( ينزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفاً بعد صف محدقين بالجن والإنس ) وَجِىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ( كقوله :) وَبُرّزَتِ الْجَحِيمُ ( ( النازعات : ٣٦ ) وروي :
( ١٣٠٠ ) أنها لما نزلت تغير وجه رسول الله ( ﷺ ) وعرف في وجهه حتى اشتدّ على أصحابه، فأخبروا علياً رضي الله عنه، فجاء فاحتضنه ومن خلفه وقبله بين عاتقيه ؛ ثم قال : يا نبيّ الله، بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم، ما الذي غيَّرك ؟ فتلا عليه الآية. فقال علي : كيف يجاء بها ؟ قال : يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع. أي : يتذكر ما فرّط فيه، أو يتعظ ) وَأَنَّى لَهُ الذّكْرَى ( ومن أين له منفعة الذكرى، لا بد من تقدير حذف المضاف، وإلا فبين : يوم يتذكر، وبين ) وَأَنَّى لَهُ الذّكْرَى ( تناف وتناقض ) قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى ( هذه، وهي حياة الآخرة، أو وقت حياتي في الدنيا، كقولك : جئته لعشر ليال خلون من رجب ؛ وهذا أبين دليل على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقاً بقصدهم وإرادتهم، وأنهم لم يكونوا محجوبين عن الطاعات مجبرين على المعاصي، كمذهب أهل الأهواء والبدع، وإلا فما معنى التحسر ؟ قرىء : بالفتح ( يعذب ويوثق )، وهي قراءة رسول الله ( ﷺ ). وعن أبي عمرو أنه رجع إليها في آخر عمره. والضمير للإنسان الموصوف. وقيل : هو أبيّ بن خلف أي : لا يعذب أحد مثل عذابه، ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه ؛ لتناهيه في كفره وعناده، أو لا يحمل عذاب الإنسان أحد، كقوله :) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( ( الإسراء : ١٥ ) وقرىء بالكسر، والضمير لله تعالى، أي : لا يتولى عذاب الله أحد ؛ لأنّ الأمر لله وحده في ذلك اليوم. أو للإنسان، أي : لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه.
) ياأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِى فِى عِبَادِى (
الفجر :( ٢٧ - ٢٩ ) يا أيتها النفس.....
) ياأَيَّتُهَا النَّفْسَ ( على إرادة القول، أي : يقول الله للمؤمن :) وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ ( إمّا أن يكلمه إكراماً له كما كلم موسى صلوات الله عليه، أو على لسان ملك. و ) الْمُطْمَئِنَّةُ ( الآمنة التي لا يستفزّها خوف ولا حزن، وهي النفس المؤمنة أو المطمئنة إلى الحق التي


الصفحة التالية
Icon