" صفحة رقم ٧٦٤ "
وأصل دسى : دسس، كما قيل في تقضض : تقضى. وسئل ابن عباس عنه فقال : أتقرأ :) قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (، ( الأعلى : ١٤ ) ) وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ( ( طه : ١١١ ). وأما قول من زعم أنّ الضمير في زكّى ودسى لله تعالى، وأنّ تأنيث الراجع إلى من ؛ لأنه في معنى النفس : فمن تعكيس القدرية الذين يورّكون على الله قدراً هو بريء منه ومتعال عنه، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه، فإن قلت : فأين جواب القسم ؟ قلت : هو محذوف تقديره : ليد مد منّ الله عليهم، أي : على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله ( ﷺ )، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً. وأما ) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ( فكلام تابع لقوله :) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء.
) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا (
الشمس :( ١١ ) كذبت ثمود بطغواها
الباء في ) بِطَغْوَاهَا ( مثلها في : كتبت بالقلم. والطغوى من الطغيان : فصلوا بين الاسم والصفة في فعلى من بنات الياء، بأن قلبوا الياء واواً في الاسم، وتركوا القلب في الصفة، فقالوا : أمرأة خزيى وصديى، يعني : فعلت التكذيب بطغيانها، كما تقول : ظلمني بجرءته على الله. وقيل : كذبت بما أوعدت به من عذابها ذي الطغوى كقوله :) فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ ( ( الحاقة : ٥ )، وقرأ الحسن :( بطغواها ) بضم الطاء كالحسنى والرجعى في المصادر ) إِذِ انبَعَثَ ( مصنوب بكذبت. أو بالطغوى. و ) أَشْقَاهَا ( قدار بن سالف. ويجوز أن يكونوا جماعة، والتوحيد لتسويتك في أفعل التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وكان يجوز أن يقال : أشقوها، كما تقول : أفاضلهم. والضمير في ) ( يجوز أن يكون للأشقين والتفضيل في الشقاوة، لأنّ من تولى الفقر وباشره كانت شقاوته أظهر وأبلغ. و ) نَاقَةُ اللَّهِ ( نصب على التحذير، كقولك الأسد الأسد، والصبي الصبي، بإضمار : ذروا أو أحذروا عقرها ) وَسُقْيَاهَا ( فلا تزووها عنها، ولا تستأثروا بها عليها ) فَكَذَّبُوهُ ( فيما حذرهم منه من نزول العذاب إن فعلوا ) فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ ( فأطلق عليهم العذاب، وهو من تكرير قولهم : ناقة مدمومة : إذا ألبسها الشجم ) بِذَنبِهِمْ ( بسبب ذنبهم. وفيه إنذار عظيم بعاقبه الذنب، فعل كل مذنب أن يعتبر ويحذر ) فَسَوَّاهَا ( الضمير للدمدمة، أي : فسوّاها بينهم لم يفلت منها صغيرهم ولا


الصفحة التالية
Icon