" صفحة رقم ٨٢٠ "
وقال : يا صباحاه، فاستجمع إليه الناس من كل أوب. فقال : يا بني عبد المطلب، با بني فهر، إن أخبرتكم أنّ بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقيَّ ؟ قالوا : نعم ؛ قال : فإني نذير لكم بين يدي الساعة ؛ فقال أبو لهب : تباً لك، ألهذا دعوتنا ؟ فنزلت. فإن قلت : لم كناه، والتكنية تكرمة ؟ قلت : فيه ثلاثة أوجه، أحدها : أن يكون مشتهراً بالكنية دون الاسم، فقد يكون الرجل معروفاً بأحدهما، ولذلك تجري الكنية على الاسم، أو الاسم على الكنية عطف بيان، فما أريد تشهيره بدعوة السوء، وأن تبقى سمة له، ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة : من قرأ يدا أبو لهب )، كما قيل : علي بن أبو طالب. ومعاوية بن أبو سفيان ؛ لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع، ولفليتة بن قاسم أمير مكة ابنان، أحدهما : عبد الله بالجرّ، والآخر عبد الله بالنصب. كان بمكة رجل يقال له : عبد الله بجرّة الدال، لا يعرف إلاّ هكذا. والثاني : أنه كان اسمه عبد العزّى، فعدّل عنه إلى كنيته. والثالث : أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب، وافقت حاله كنيته ؛ فكان جديراً بأن يذكر بها. ويقال : أبو لهب، كما يقال : أبو الشر للشرير. وأبو الخير للخير، وكما كنى رسول الله ( ﷺ ) أبا المهلب : أبا صفرة، بصفرة في وجهه. وقيل : كنى بذلك لتهلب وجنتيه وإشراقهما، فيجوز أن يذكر بذلك تهكماً به، وبافتخاره بذلك. وقرىء :( أبي لهب ) بالسكون. وهو من تغيير الأعلام، كقولهم : شمس بن مالك بالضم ) مَا أَغْنَى ( استفهام في معنى الإنكار، ومحله النصب أو نفي ) وَمَا كَسَبَ ( مرفوع. وما موصولة أو مصدرية بمعنى : ومكسوبه. أو : وكسبه. والمعنى : لم ينفعه ماله وما كسب بماله، يعني : رأس المال والأرباح. أو ماشيته وما كسب من نسلها ومنافعها، وكان ذا سابياء. أو ماله الذي ورثه من أبيه والذي كسبه بنفسه. أو ماله التالد والطارف. وعن ابن عباس : ما كسب ولده. وحكى أن بني أبي لهب احتكموا إليه، فاقتتلوا، فقام يحجز بينهم، فدفعه بعضهم فوقع فغضب، فقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :( إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ) وعن الضحاك : ما ينفعه ماله وعمله الخبيث، يعني كيده في عداوة رسول


الصفحة التالية
Icon