أتي بالمضاف المحذوف لما ذكرنا من التنبيه على أمرين، أحدهما : فظاعة فعلهم فيما تحروه من الخديعة وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون الله، والثاني التنبيه على عظم المقصود بالخداع وأن معاملته كمعاملة الله كما نبه عليه بقوله تعالى ﴿ إن الذين يبايعونك ﴾ الآية وقوله تعالى :﴿ وهو خادعهم ﴾ قيل معناه مجازيهم بالخداع وقيل على وجه آخر مذكور في قوله تعالى ﴿ ومكروا ومكر الله ﴾ وقيل خدع الضب أي استتر في جحره واستعمال ذلك في الضب أنه يعد عقربا تلدغ من يدخل يديه في جحره حتى قيل العقرب بواب الضب وحاجبه ولاعتقاد الخديعة فيه قيل أخدع من ضب، وطريق خادع وخيدع مضل كأنه يخدع سالكه. والمخدع بيت في بيت كأن بانيه جعله خادعا لمن رام تناول ما فيه، وخدع الريق إذا قل متصورا منه هذا المعنى، والأخدعان تصور منهما الخداع لاستتارهما تارة وظهورهما تارة، يقال خدعته : قطعت أخدعه، وفي الحديث : بين يدي الساعة سنون خداعة اي محتالة لتلونها بالجدب مرة وبالخصب مرة.
خدن : قال الله تعالى :﴿ ولا متخذات أخدان ﴾ جمع خدن أي المصاحب وأكثر ذلك يستعمل فيمن يصاحب شهوة، يقال خدن المرأة وخدينها، وقول الشاعر :
( خدين العلى ** ) فاستعارة كقولهم يعشق العلى ويشبب بالندى وينسب بالمكارم.
خذل : قال تعالى :﴿ وكان الشيطان للإنسان خذولا ﴾ أي كثير الخذلان، والخذلان ترك من يظن به أن ينصر نصرته، ولذلك قيل خذلت الوحشية ولدها وتخاذلت رجلا فلان ومنه قول الأعشى :
( بين مغلوب تليل خده ** وخذول الرجل من غير كسح )
ورجل خذلة كثيرا ما يخذل.
خذ : قال الله تعالى :﴿ فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ﴾ وخذوه أصله من أخذ وقد تقدم.
خر :﴿ فكأنما خر من السماء ﴾ وقال تعالى :﴿ فلما خر تبينت الجن ﴾ وقال تعالى :﴿ فخر عليهم السقف من فوقهم ﴾ فمعنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير، والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو. وقوله تعالى :﴿ وخروا له سجدا ﴾ فاستعمال الخر تنبيه على اجتماع أمرين : السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح، وقوله من بعده ﴿ وسبحوا بحمد ربهم ﴾، فتنبيه أن ذلك الخرير كان تسبيحا بحمد الله لا بشيء آخر.
خرب : يقال خرب المكان خرابا وهو ضد العمارة، قال الله تعالى :﴿ وسعى في خرابها ﴾ وقد أخربه، وخربه قال الله تعالى ﴿ يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ﴾