من جانب والأخرى من جانب آخر. وخلفته تركته خلفي، قال ﴿ فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله ﴾ أي مخالفين ﴿ وعلى الثلاثة الذين خلفوا ﴾ - ﴿ قل للمخلفين ﴾ والخالف المتأخر لنقصان أو قصور كالمتخلف قال ﴿ فاقعدوا مع الخالفين ﴾ والخالفة عمود الخيمة المتأخر، ويكنى بها عن المرأة لتخلفها عن المرتحلين وجمعها خوالف، قال ﴿ رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ﴾ ووجدت الحي خلوفا أي تخلفت نساؤهم عن رجالهم، والخلف حد الفأس الذي يكون إلى جهة الخلف وما تخلف من الأضلاع إلى ما يلي البطن، والخلاف شجر كأنه سمي بذلك لأنه يخلف فيما يظن به أو لأنه يخلف مخبره منظره، ويقال للجمل بعد بزوله مخلف عام ومخلف عامين. وقال عمر رضي الله عنه : لولا الخليفي لأذنت أي الخلافة وهو مصدر خلف.
خلق : الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء قال :﴿ خلق السماوات والأرض ﴾ أي أبدعهما بدلالة قوله :﴿ بديع السماوات والأرض ﴾ ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو :﴿ خلقكم من نفس واحدة ﴾ - ﴿ خلق الإنسان من نطفة ﴾ - ﴿ خلقنا الإنسان من سلالة ﴾ - ﴿ ولقد خلقناكم ﴾ - ﴿ وخلق الجان من مارج ﴾ وليس الخلق الذي هو الإبداع إلا لله تعالى ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره ﴿ أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ﴾ وأما الذي يكون بالاستحالة فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الأحوال كعيسى حيث قال :﴿ وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ﴾ والخلق لا يستعمل في كافة الناس إلا على وجهين : أحدهما في معنى التقدير كقول الشاعر :
( فلأنت تفري ما خلقت وبعض ** القوم يخلق ثم لا يفرى )
والثاني في الكذب نحو قوله :﴿ وتخلقون إفكا ﴾ إن قيل قوله تعالى :﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ يدل على أنه يصح أن يوصف غيره بالخلق، قيل إن ذلك معناه أحسن المقدرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غير الله يبدع، فكأنه قيل فاحسب أن ههنا مبدعين وموجدين فالله أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال :﴿ خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم ﴾ - ﴿ ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾ فقد قيل إشارة إلى ما يشوهونه من الخلقة بالخصاء ونتف اللحية وما يجري مجراه، وقيل معناه يغيرون حكمه وقوله :﴿ لا تبديل لخلق الله ﴾ فإشارة إلى ما قدره وقضاه وقيل معنى ﴿ لا تبديل لخلق الله ﴾ نهي أي لا تغيروا خلقة الله وقوله :﴿ وتذرون ما خلق لكم ربكم ﴾