فهذا سجود تسخير وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم، وقوله ﴿ ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ﴾ ينطوي على النوعين من السجود والتسخير والاختيار، وقوله ﴿ والنجم والشجر يسجدان ﴾ فذلك على سبيل التسخير وقوله ﴿ اسجدوا لآدم ﴾ قيل أمروا بأن يتخذوه قبلة، وقيل أمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه ومصالح أولاده فائتمروا إلا إبليس، وقوله :﴿ ادخلوا الباب سجدا ﴾ أي متذللين منقادين، وخص السجود في الشريعة بالركن المعروف من الصلاة وما يجري مجرى ذلك من سجود القرآن وسجود الشكر، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله :﴿ وأدبار السجود ﴾ أي أدبار الصلاة ويسمون صلاة الضحى سبحة الضحى وسجود الضحى ﴿ وسبح بحمد ربك ﴾ قيل أريد به الصلاة والمسجد موضع الصلاة اعتبارا بالسجود وقوله ﴿ وأن المساجد لله ﴾ قيل عني به الأرض إذ قد جعلت الأرض كلها مسجدا وطهورا كما روي في الخبر، وقيل المساجد مواضع السجود الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان وقوله ﴿ ألا يسجدوا لله ﴾ أي يا قوم اسجدوا وقوله ﴿ وخروا له سجدا ﴾ أي متذللين وقيل كان السجود على سبيل الخدمة في ذلك الوقت سائغا وقول الشاعر :
( وافى بها كدراهم الأسجاد ** )
عنى بها دراهم عليها صورة ملك سجدوا له.
سجر : السجر تهييج النار، يقال : سجرت التنور، ومنه ﴿ والبحر المسجور ﴾ قال الشاعر :
( إذا ساء طالع مسجورة ** ترى حولها النبع والسمسما )
وقوله ﴿ وإذا البحار سجرت ﴾ اي أضرمت نارا عن الحسن، وقيل غيضت مياهها وإنما يكون كذلك لتسجير النار فيه، ﴿ ثم في النار يسجرون ﴾ نحو ﴿ وقودها الناس والحجارة ﴾ وسجرت الناقة استعارة لالتهابها في العدو نحو اشتعلت الناقة، والسجير الخليل الذي يسجر في مودة خليله كقولهم فلان محرق في مودة فلان، قال الشاعر :
( سجراء نفسي غير جمع إشابة ** )
سجل : السجل الدلو العظيمة، وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب، وأسجلته أعطيته سجلا، واستعير للعطية الكثيرة والمساجلة المساقاة بالسجل وجعلت عبارة عن المباراة والمناضلة، قال :
( من يساجلني يساجل ماجدا ** )
والسجيل حجر وطين مختلط واصله فيما قيل فارسي معرب، والسجل قيل حجر