في غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة وسائر ما يفتقر الفعل إليه نحو سيف قاطع، وهذا الوجه أولى من قول من قال أراد ﴿ ونفس وما سواها ﴾ يعني الله تعالى، فإن ما لا يعبر به عن الله تعالى إذ هو موضوع للجنس ولم يرد به سمع يصح، وأما قوله :﴿ سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى ﴾ فالفعل منسوب إليه تعالى وكذا قوله :﴿ فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ﴾ وقوله :﴿ رفع سمكها فسواها ﴾ فتسويتها يتضمن بناءها وتزيينها المذكور في قوله ﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ﴾ والسوي يقال فيما يصان عن الإفراط والتفريط من حيث القدر والكيفية، قال تعالى :﴿ ثلاث ليال سويا ﴾ وقال تعالى :﴿ من أصحاب الصراط السوي ﴾ ورجل سوي استوت أخلاقه وخلقته عن الإفراط والتفريط، وقوله تعالى :﴿ على أن نسوي بنانه ﴾ قيل نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع له، وقيل بل نجعل أصابعه كلها على قدر واحد حتى لا ينتفع بها وذاك أن الحكمة في كون الأصابع متفاوتة في القدر والهيئة ظاهرة، إذ كان تعاونها على القبض أن تكون كذلك وقوله :﴿ فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ﴾ أي سوى بلادهم بالأرض نحو ﴿ خاوية على عروشها ﴾ وقيل سوى بلادهم بهم نحو :﴿ لو تسوى بهم الأرض ﴾ وذلك إشارة إلى ما قال عن الكفار ﴿ ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ﴾ ومكان سوى وسواء وسط ويقال سواء وسوى وسوى أي يستوي طرفاه ويستعمل ذلك وصفا وظرفا، واصل ذلك مصدر، وقال :﴿ في سواء الجحيم ﴾ - ﴿ سواء السبيل ﴾ - ﴿ فانبذ إليهم على سواء ﴾ أي عدل من الحكم. وكذا قوله :﴿ إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ﴾ وقوله :﴿ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ﴾ - ﴿ سواء عليهم أستغفرت لهم ﴾ - ﴿ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ﴾ أي يستوي الأمران في أنهما لا يغنيان ﴿ سواء العاكف فيه والباد ﴾ وقد يستعمل سوى وسواء بمعنى غير، قال الشاعر :
( فلم يبق منها سوى هامد ** )
وقال آخر :
( وما قصدت من أهلها لسوائكا ** )
وعندي رجل سواك أي مكانك وبدلك والسي المساوي مثل عدل ومعادل وقتل ومقاتل، تقول سيان زيد وعمرو، وأسواء جمع سي نحو نقض وأنقاض يقال قوم أسواء ومستوون، والمساواة متعارفة في المثمنات، يقال هذا الثوب يساوي كذا واصله من ساواه في القدر، قال :﴿ حتى إذا ساوى بين الصدفين ﴾.
سوأ : السوء كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وجاه