السواد والبياض وهي إلى السواد أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد، قال الحسن في قوله :﴿ بقرة صفراء فاقع لونها ﴾ أي سوداء وقال بعضهم لا يقال في السواد فاقع وإنما يقال فيها حالكة، قال :﴿ ثم يهيج فتراه مصفرا ﴾ - ﴿ كأنه جمالة صفر ﴾ قيل هي جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن، ومنه قيل للنحاس صفر وليبيس البهمى صفار، وقد يقال الصفير للصوت حكاية لما يسمع ومن هذا صفر الإناء إذا خلا حتى يسمع منه صفير لخلوه ثم صار متعارفا في كل حال من الآنية وغيرها. وسمي خلو الجوف والعروق من الغذاء صفرا، ولما كانت تلك العروق الممتدة من الكبد إلى المعدة إذا لم تجد غذاء امتصت أجزاء المعدة اعتقدت جهلة العرب أن ذلك حية في البطن تعض بعض الشراسف حتى نفى النبي ﷺ فقال لا صفر أي ليس في البطن ما يعتقدون أنه فيه من الحية وعلى هذا قول الشاعر :
( ولا يعض على شرسوفه الصفر ** )
والشهر يسمى صفرا لخلو بيوتهم فيه من الزاد، والصفري من النتاج، ما يكون في ذلك الوقت.
صفن : الصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما إلى بعض، يقال صفن الفرس قوائمه قال ﴿ الصافنات الجياد ﴾ وقرئ ﴿ فاذكروا اسم الله عليها صواف ﴾ والصافن عرق في باطن الصلب يجمع نياط القلب. والصفن وعاء يجمع الخصية والصفن دلو مجموع بحلقة.
صفو : أصل الصفاء خلوص الشيء من الشوب ومنه الصفا للحجارة الصافية قال :﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله ﴾ وذلك اسم لموضع مخصوص، والإصطفاء تناول صفو الشيء كما أن الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته. واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافيا عن الشوب الموجود في غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وإن لم يتعر ذلك من الأول، قال تعالى :﴿ الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ﴾ - ﴿ إن الله اصطفى آدم ونوحا ﴾ - ﴿ اصطفاك وطهرك واصطفاك ﴾ - ﴿ اصطفيتك على الناس ﴾ - ﴿ وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار ﴾ واصطفيت كذا على كذا أي اخترت ﴿ أصطفى البنات على البنين ﴾ - ﴿ وسلام على عباده الذين اصطفى ﴾ - ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ﴾ والصفي والصفية ما يصطفيه الرئيس لنفسه، قال الشاعر :
( لك المرباع منها والصفايا ** )
وقد يقالان للناقة الكثيرة اللبن والنخلة الكثيرة الحمل، وأصفت الدجاجة إذا انقطع بيضها كأنها صفت منه، وأصفى الشاعر إذا انقطع شعره تشبيها بذلك من قولهم أصفى

__________


الصفحة التالية
Icon