للرجال لما نبه عليه قوله ﴿ الرجال قوامون على النساء ﴾ الآية.
قوى : القوة تستعمل تارة في معنى القدرة نحو قوله ﴿ خذوا ما آتيناكم بقوة ﴾ وتارة للتهيؤ الموجود في الشيء نحو أن يقال : النوى بالقوة نخل، أي متهيئ ومترشح أن يكون منه ذلك. ويستعمل ذلك في البدن تارة وفي القلب أخرى، وفي المعاون من خارج تارة وفي القدرة الإلهية تارة. ففي البدن نحو قوله ﴿ وقالوا من أشد منا قوة ﴾ - ﴿ فأعينوني بقوة ﴾ فالقوة ههنا قوة البدن بدلالة أنه رغب عن القوة الخارجة فقال ﴿ ما مكني فيه ربي خير ﴾ وفي القلب نحو قوله ﴿ يا يحيى خذ الكتاب بقوة ﴾ أي بقوة قلب. وفي المعاون من خارج نحو قوله ﴿ لو أن لي بكم قوة ﴾ قيل معناه من أتقوى به من الجند وما أتقوى به من المال، ونحو قوله ﴿ قالوا نحن أولوا قوة وأولو بأس شديد ﴾ وفي القدرة الإلهية نحو قوله ﴿ إن الله قوي عزيز ﴾ - ﴿ وكان الله قويا عزيزا ﴾ وقوله ﴿ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ﴾ فعام فيما اختص الله تعالى به من القدرة وما جعله للخلق. وقوله ﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾ فقد ضمن تعالى أن يعطي كل واحد منهم من أنواع القوى قدر ما يستحقه وقوله :﴿ ذي قوة عند ذي العرش مكين ﴾ يعني به جبريل عليه السلام ووصفه بالقوة عند ذي العرش وأفرد اللفظ ونكره فقال :﴿ ذي قوة ﴾ تنبيها أنه إذا اعتبر بالملإ الأعلى فقوته إلى حد ما، وقوله فيه :﴿ علمه شديد القوى ﴾ فإنه وصف القوة بلفظ الجمع وعرفها تعريف الجنس تنبيها أنه إذا اعتبر بهذا العالم وبالذين يعلمهم ويفيدهم هو كثير القوى عظيم القدرة والقوة التي تستعمل للتهيؤ أكثر من يستعملها الفلاسفة ويقولونها على وجهين، أحدهما : ان يقال لما كان موجودا ولكن ليس يستعمل فيقال فلان كاتب بالقوة أي معه المعرفة بالكتابة لكنه ليس يستعمل، والثاني : يقال فلان كاتب بالقوة وليس يعنى به أن معه العلم بالكتابة، ولكن معناه يمكنه أن يتعلم الكتابة وسميت المفازة قواء، وأقوى الرجل صار في قواء أي قفر، وتصور من حال الحاصل في القفر الفقر فقيل أقوى فلان أي افتقر كقولهم أرمل وأترب، قال الله تعالى :﴿ ومتاعا للمقوين ﴾.

__________


الصفحة التالية
Icon