أبلغ من الكفور لقوله ﴿ كل كفار عنيد ﴾ وقال ﴿ والله لا يحب كل كفار أثيم ﴾ - ﴿ إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ﴾ - ﴿ إلا فاجرا كفارا ﴾ وقد أجري الكفار مجرى الكفور في قوله ﴿ إن الإنسان لظلوم كفار ﴾ والكفار في جمع الكافر المضاد للإيمان أكثر استعمالا كقوله ﴿ أشداء على الكفار ﴾ وقوله ﴿ ليغيظ بهم الكفار ﴾ والكفرة في جمع كافر النعمة أشد استعمالا وفي قوله ﴿ أولئك هم الكفرة الفجرة ﴾ ألا ترى أنه وصف الكفرة بالفجرة والفجرة قد يقال للفساق من المسلمين. وقوله ﴿ جزاء لمن كان كفر ﴾ أي من الأنبياء ومن يجري مجراهم ممن بذلوا النصح في أمر الله فلم يقبل منهم. وقوله ﴿ إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ﴾ قيل عني بقوله إنهم آمنوا بموسى ثم كفروا بمن بعده. والنصارى آمنوا بعيسى ثم كفروا بمن بعده. وقيل آمنوا بموسى ثم كفروا بموسى إذ لم يؤمنوا بغيره، وقيل هو ما قال ﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي ﴾ إلى قوله :﴿ واكفروا آخره ﴾ ولم يرد أنهم آمنوا مرتين وكفروا مرتين، بل ذلك إشارة إلى أحوال كثيرة. وقيل كما يصعد الإنسان في الفضائل في ثلاث درجات ينعكس في الرذائل في ثلاث درجات والآية إشارة إلى ذلك، وقد بينته في كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة. ويقال كفر فلان إذا اعتقد الكفر، ويقال ذلك إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد ولذلك قال ﴿ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ ويقال كفر فلان إذا بالشيطان ذا كفر بسببه، وقد يقال ذلك إذا آمن وخالف الشيطان كقوله ﴿ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ﴾ وأكفره إكفارا حكم بكفره، وقد يعبر عن التبري بالكفر نحو ﴿ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ﴾ الآية وقوله تعالى :﴿ إني كفرت بما أشركتمون من قبل ﴾ وقوله ﴿ كمثل غيث أعجب الكفار نباته ﴾ قيل عنى بالكفار الزراع لأنهم يغطون البذر في التراب ستر الكفار حق الله تعالى بدلالة قوله :﴿ يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ﴾ ولأن الكافر لا اختصاص له بذلك وقيل بل عنى الكفار، وخصهم بكونهم معجبين الدنيا وزخارفها وراكنين إليها. والكفارة ما يغطي الإثم ومنه كفارة اليمين نحو قوله ﴿ ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ﴾ وكذلك كفارة غيره من الآثام ككفارة القتل والظهار قال ﴿ فكفارته إطعام عشرة مساكين ﴾ والتكفير ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل ويصح أن يكون أصله إزالة الكفر والكفران نحو التمريض في كونه إزالة للمرض وتقذية العين في إزالة القذى عنه، قال :﴿ ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon