) وقد يكرر الكلام في المتضادين ويراد إثبات الأمر فيهما جميعا نحو أن يقال ليس زيد بمقيم ولا ظاعن أي يكون تارة كذا وتارة كذا وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما نحو أن يقال ليس بأبيض ولا أسود وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله ﴿ لا شرقية ولا غربية ﴾ فقد قيل معناه إنها شرقية وغربية وقيل معناه مصونة عن الإفراط والتفريط. وقد يذكر لا ويراد به سلب المعنى دون إثبات شيء ويقال له الاسم غير المحصل نحو لا إنسان إذا قصدت سلب الإنسانية، وعلى هذا قول العامة لا حد أي لا أحد.
لام : اللام التي هي للأداة على أوجه، الأول الجارة وذلك أضرب : ضرب لتعدية الفعل ولا يجوز حذفه نحو ﴿ وتله للجبين ﴾ وضرب للتعدية لكن قد يحذف كقوله ﴿ يريد الله ليبين لكم ﴾ - ﴿ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا ﴾ فأثبت في موضع وحذف في موضع. الثاني للملك والاستحقاق وليس نعني بالملك ملك العين بل قد يكون ملكا لبعض المنافع أو لضرب من التصرف فملك العين نحو ﴿ ولله ملك السماوات والأرض ﴾ - ﴿ ولله جنود السماوات والأرض ﴾ وملك التصرف كقولك لمن يأخذ معك خشبا خذ طرفك لآخذ طرفي وقولهم لله كذا نحو لله درك، فقد قيل إن القصد أن هذا الشيء لشرفه لا يستحق ملكه غير الله، وقيل القصد به أن ينسب إليه إيجاده أي هو الذي أوجده إبداعا لأن الموجودات ضربان : وضرب أوجده بسبب طبيعي أو صنعة آدمي، ضرب أوجده إبداعا كالفلك والسماء ونحو ذلك. وهذا الضرب أشرف وأعلى فيما قيل. ولام الاستحقاق نحو قوله ﴿ ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ﴾ - ﴿ ويل للمطففين ﴾ وهذا كالأول لكن الأول لما قد حصل في الملك وثبت وهذا لما لم يحصل بعد ولكن هو في حكم الحاصل من حيثما قد استحق. وقال بعض النحويين : اللام في قوله ﴿ ولهم اللعنة ﴾ بمعنى على أي عليهم اللعنة، وفي قوله ﴿ لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم ﴾ وليس ذلك بشيء، وقيل قد تكون اللام بمعنى إلى في قوله ﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ وليس كذلك لأن الوحي للنحل جعل ذلك له بالتسخير والإلهام وليس ذلك كالوحي الموحى إلى الأنبياء فنبه باللام على جعل ذلك الشيء له بالتسخير. وقوله ﴿ ولا تكن للخائنين خصيما ﴾ معناه لا تخاصم الناس لأجل الخائنين، ومعناه كمعنى قوله ﴿ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ﴾ وليست اللام ههنا كاللام في قولك لا تكن لله خصيما، لأن اللام ههنا داخل على المفعول ومعناه لا تكن خصيم الله. الثالث لام الابتداء نحو ﴿ لمسجد أسس على التقوى ﴾