أي الثلاثة إن أمكنه مع تحري المجاملة، وكذا قوله تعالى :﴿ واهجرني مليا ﴾ وقوله تعالى :﴿ والرجز فاهجر ﴾ فحث على المفارقة بالوجوه كلها. والمهاجرة في الأصل مصارمة الغير ومتاركته من قوله عز وجل ﴿ والذين هاجروا وجاهدوا ﴾ وقوله :﴿ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ﴾ وقوله :﴿ ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ﴾ - ﴿ فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله ﴾ فالظاهر منه الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان كمن هاجر من مكة إلى المدينة، وقيل مقتضى ذلك هجران الشهوات والأخلاق الذميمة والخطايا وتركها ورفضها، وقوله ﴿ إني مهاجر إلى ربي ﴾ أي تارك لقومي وذاهب إليه. وقوله ﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ﴾ وكذا المجاهدة تقتضي مع العدى مجاهدة النفس كما روي في الخبر رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وهو مجاهدة النفس. وروي هاجروا ولا تهجروا أي كونوا من المهاجرين ولا تتشبهوا بهم في القول دون الفعل، والهجر الكلام القبيح المهجور لقبحه. وفي الحديث ولا تقولوا هجرا وأهجر فلان إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد، وهجر المريض إذا أتى ذلك من غير قصد وقرئ ﴿ مستكبرين به سامرا تهجرون ﴾ وقد يشبه المبالغ في الهجر بالمهجر فيقال أهجر إذا قصد ذلك، قال الشاعر :
( كما جدة الأعراق قال ابن ضرة ** عليها كلاما جار فيه وأهجرا ) ورماه بها جرات كلامه أي فضائح كلامه، وقوله فلان هجيراه كذا إذا أولع بذكره وهذي به هذيان المريض المهجر، ولا يكاد يستعمل الهجير إلا في العادة الذميمة اللهم إلا أن يستعمله في ضده من لا يراعي مورد هذه الكلمة عن العرب. والهجير والهاجرة الساعة التي يمتنع فيها من السير كالحر كأنها هجرت الناس وهجرت لذلك، والهجار حبل يشد به الفحل فيصير سببا لهجرانه الإبل، وجعل على بناء العقال والزمام، وفحل مهجور أي مشدود به، وهجار القوس وترها وذلك تشبيه بهجار الفحل.
هجع : الهجوع : النوم ليلا، قال ﴿ كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ﴾ وذلك يصح أن يكون معناه كان هجوعهم قليلا من أوقات الليل، ويجوز أن يكون معناه لم يكونوا يهجعون والقليل يعبر به عن النفي والمشارف لنفيه لقلته، ولقيته بعد هجعة أي بعد نومة وقولهم رجل هجع كقولك نوع للمستنيم إلى كل شيء.
هدد : الهد هدم له وقع وسقوط شيء ثقيل، والهدة صوت وقعه، قال :﴿ وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon