) وقوله عز وجل ﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ - ﴿ وهديناه النجدين ﴾ - ﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ فذلك إشارة إلى ما عرف من طريق الخير والشر وطريق الثواب والعقاب بالعقل والشرع وكذا قوله :﴿ فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ﴾ - ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ - ﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ فهو إشارة إلى التوفيق الملقى في الروع فيما يتحراه الإنسان وإياه عنى بقوله عز وجل :﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى ﴾ وعدي الهداية في مواضع بنفسه وفي مواضع باللام وفي مواضع بإلى، قال تعالى :﴿ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ﴾ - ﴿ واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ﴾ وقال :﴿ أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع ﴾ وقال :﴿ هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى ﴾ وما عدي بنفسه نحو :﴿ ولهديناهم صراطا مستقيما ﴾ - ﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ - ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ - ﴿ أتريدون أن تهدوا من أضل الله ﴾ - ﴿ ولا ليهديهم طريقا ﴾ - ﴿ أفأنت تهدي العمي ﴾ - ﴿ ويهديهم إليه صراطا مستقيما ﴾.
ولما كانت الهداية والتعليم يقتضي شيئين : تعريفا من المعرف، وتعرفا من المعرف، وبهما تم الهداية والتعليم فإنه متى حصل البذل من الهادي والمعلم ولم يحصل القبول صح أن يقال لم يهد ولم يعلم اعتبارا بعدم القبول وصح أن يقال هدى وعلم اعتبارا ببذله، فإذا كان كذلك صح أن يقال إن الله تعالى لم يهد الكافرين والفاسقين من حيث إنه لم يحصل القبول الذي هو تمام الهداية والتعليم، وصح أن يقال هداهم وعلمهم من حيث إنه حصل البذل الذي هو مبدأ الهداية. فعلى الاعتبار بالأول يصح أن يحمل قوله تعالى :﴿ والله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ ﴿ والكافرين ﴾ وعلى الثاني قوله عز وجل :﴿ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ﴾ والأولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال، هداه الله فلم يهتد كقوله :﴿ وأما ثمود ﴾ الآية، وقوله :﴿ لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء ﴾ إلى قوله :﴿ وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ﴾ فهم الذين قبلوا هداه واهتدوا به، وقوله تعالى ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ - ( ﴿ ولهديناهم صراطا مستقيما ﴾ فقد قيل عني به الهداية العامة التي هي العقل وسنة الأنبياء وأمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا وإن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول اللهم صل على محمد وإن كان قد صلى عليه بقوله :﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي ﴾ وقيل إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة واستهواء الشهوات، وقيل هو سؤال للتوفيق الموعود به في قوله :﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon