١٠١
رواية الكلبي قالوا سمعنا قولك وعصينا أمرك ولولا مخافة الجبل ما قبلنا ويقال إنهم يقولون في الظاهر سمعنا ويضمرون في أنفسهم وعصينا أمرك
ثم قال " وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم " يعني جعل حلاوة عبادة العجل في قلوبهم مجازاة لكفرهم ويقال حب عبادة العجل فحذف الحب وأقيم العجل مقامه ومثل هذا يجري في كلام العرب كما قال في آية أخرى " وسئل القرية " يوسف ٨٢ أي أهل القرية
ثم قال تعالى " قل بئسما يأمركم به إيمانكم " يعني بئس الإيمان الذي يأمركم بالكفر وقال مقاتل معناه إن كان حب عبادة العجل في قلوبكم يعدل حب عبادة خالقكم فبئس ما يأمركم به إيمانكم " إن كنتم مؤمنين " كما تزعمون
سورة البقرة الآيات ٩٤ - ٩٦
قوله تعالى " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس " يعني الجنة وذلك أن اليهود كانوا يقولون إن الجنة لنا خاصة من دون سائر الناس قال الله تعالى لمحمد ﷺ قل لهم إن كان الأمر كما تقولون إن الجنة لكم خاصة " فتمنوا الموت " يعني سلوا الله الموت يعني بما عملوا من المعاصي " إن كنتم صادقين " أن الجنة لكم فقال لهم النبي ﷺ قولوا إن كنتم صادقين اللهم أمتنا فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه يعني يموت مكانه فأبوا أن يقولوا ذلك فنزل " ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم " يعني بما عملوا من المعاصي قال الزجاج في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة رسالة النبي ﷺ لأنه قال لهم " فتمنوا الموت " وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبدا فلم يتمنه واحد منهم ويقال إن قوله " لن يتمنوه " إنما يقع على الحياة الدنيا خاصة ولا يقع على أمر الآخرة لأنهم يتمنون الموت في النار إذا كانوا في جهنم وفي هذه الآية دليل أن لفظه " لن " لا تدل على التأبيد لأنهم يتمنون الموت في الآخرة خلافا لقول المعتزلة في قوله " لن تراني " ويقال ولو أنهم سألوا الموت في الدنيا ولم يموتوا وكان في ذلك تكذيبا لقول النبي ﷺ وكان في ذلك أيضا ذهاب معجزته فلما لم يتمنوا الموت ثبت بذلك عندهم أنه رسول الله وظهر عندهم معجزته وظهر أن الأمر كما عز وجل ثم قال " والله عليم بالظالمين " فهو عليم بهم وبغيرهم من الظالمين وإنما الفائدة هاهنا أنه بمجازاتهم عليم


الصفحة التالية
Icon