١٢٤
" لا نفرق بين أحد منهم " كما فرقت اليهود والنصارى " ونحن مسلمون " يعني مخلصون له بالتوحيد
ثم قال عز وجل للمؤمنين " فإن آمنوا " يعني اليهود والنصارى " بمثل مآ آمنتم به " يا أصحاب محمد ﷺ " فقد اهتدوا " من الضلالة " وإن تولوا " يقول اعرضوا عن الإيمان بمحمد ﷺ وبجميع الأنبياء " فإنما هم في شقاق " يعني في خلاف من الدين ويقال في ضلال والشقاق في اللغة له ثلاثة معان أحدها العداوة مثل قوله تعالى و " لا يجرمنكم شقاقي " هود ٨٩ والثاني الخلاف مثل قوله " وإن خفتم شقاق بينهما " النساء ٣٥والثالث الضلالة مثل قوله " وإن الظالمين لفي شقاق بعيد " الحج ٥٣
وقوله تعالى " فسيكفيكهم الله " يعني يدفع الله عنكم مؤنتهم وقال الزجاج هذا ضمان من الله تعالى النصر لنبيه أنه سيكفيه إياهم بإظهاره على كل دين سواه كقوله تعالى " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي " المجادلة ٢١ يعني أن عاقبة الأمر كان لهم قال مقاتل يعني قتل بني قريظة وإجلاء بني النضير " وهو السميع " بقولهم للمؤمنين حيث قالوا كونوا هودا أو نصارى " العليم " بعقوبتهم
سورة البقرة آية ١٣٨
ثم فضل دين محمد ﷺ على كل دين فقال عز وجل " صبغة الله " يقول اتبعوا دين الله والزموه لا دين اليهود والنصارى " ومن أحسن من الله صبغة " يعني أي دين أحسن من دين الله تعالى وهو دين الإسلام " ونحن له عابدون " يقول اثبتوا على ذلك
وقوله تعالى " ونحن له عابدون " أي موحدون مقرون وذلك أن النصارى إذا ولد لأحدهم ولد غمروه في اليوم السابع في ماء لهم ليطهروه بذلك ويقولون هذا طهور مكان الختان وهم صنف من النصارى يقال لهم المعمودية
قال الله تعالى " ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون " أي مطيعون ولنا الختان طهور طهر الله تعالى به إبراهيم عليه السلام وروى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " أختتن إبراهيم عليه السلام بالقدوم وهو ابن مائة وعشرين سنة " والقدوم موضع بالشام ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة وقال القتبي هذا من الاستعارة حيث سمى الختان صبغة لأنهم كانوا يصبغون أولادهم في ماء قال الله تعالى " صبغة الله " لا صبغة النصارى يعني اتبعوا دين الله والزموا دين الله


الصفحة التالية
Icon