١٦٦
فوق المشركين في الجنة والحجة في الدنيا وقد اختلفوا في قوله " زين للذين كفروا " قال بعضهم يعني زينها لهم إبليس لأن الله تعالى قد زهدهم فيها وأعلم أنها متاع الغرور ولكن الشيطان زين لهم الأشياء كما قال في آية أخرى " وزين لهم الشيطان أعمالهم " النمل ٢٤ وقال بعضهم معناه أن الله تعالى زين لهم لأن خلق فيها الأشياء المعجبة فنظر إليها الذين كفروا فاغتروا بذلك كما قال في آية أخرى " زينا لهم أعمالهم " النمل٤ وكان ذلك مجازاة لكفرهم
وروي عن ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال يقول الله تعالى لملائكته لولا أن يجزع عبدي المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من ذهب ولصببت عليه الدنيا صبا ومصداق ذلك في القرآن " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة " الزخرف ٣٣ الآية وقال ﷺ لو أن الدنيا تزن عند الله قدر جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء
ثم قال تعالى " والله يرزق من يشاء بغير حساب " يعني يرزق من يشاء رزقا كثيرا لا يعرف حسابه ويقال معناه " يرزق من يشاء بغير حساب " يعني ليس له أحد يحاسبه منه بما يرزقه ويقال " بغير حساب " يعني بغير احتساب كما قال في آية أخرى " ويرزقه من حيث لا يحتسب " الطلاق ٣ وكل ما في القرآن " يرزق من يشاء بغير حساب " فهو على هذه الوجوه الأربعة
سورة البقرة آية ٢١٣
قوله تعالى " كان الناس أمة واحدة " قال الزجاج الأمة على وجوه منها القرن من الناس كما يقال مضت أمم أي قرون والأمة الرجل الذي لا نظير له ومنه قوله " إن إبراهيم كان أمة " النحل ١٢٠ والأمة الدين وهو الذي قال هاهنا " كان الناس أمة واحدة " يعني على دين واحد وعلى ملة واحدة وقال بعضهم كان الناس كلهم على دين الإسلام جميع من كان مع نوح في السفينة ثم تفرقوا " فبعث الله النبيين " وقال بعضهم كان الناس كلهم كفارا في عهد نوح وعهد إبراهيم فبعث الله للناس إبراهيم وإسماعيل ولوطا


الصفحة التالية
Icon