٣١٨
ثم قال تعالى " وأمهات نسائكم " يعني نكاح أمهات نسائكم حرام عليكم سواء دخل بالابنة أو لم يدخل بها هكذا روي عن ابن عباس وعن جماعة من الصحابة أنهم قالوا ذلك
ثم قال " وربائبكم اللاتي في حجوركم " يعني حرام عليكم نكاح بنات نسائكم " اللاتي في حجوركم " يعني التي يربيها في حجره إذا دخل بأمها " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " يعني إن لم يكن دخل بأمها فهي حلال له أن يتزوجها وقد اتفقوا على أن كونها في الحجر ليس بشرط غير قول روي عن بعض المتقدمين وإنما ذكر الحجر لتعارفهم فيما بينهم وتسميتهم بذلك الاسم
ثم قال تعالى " وحلائل أبنائكم " يعني حرام عليكم نساء أبنائكم " الذين من أصلابكم " يقال إنما اشترط كون الأبناء الأصلاب لزوال الاشتباه لأن القوم كانوا يتبنون في ذلك الوقت ويجعلون الابن المتبنى بمنزلة ابن الصلب في الميراث والحرمة وتبنى رسول الله ﷺ زيد بن حارثة فتزوج زيد بن حارثة امرأة ثم طلقها فتزوجها رسول الله ﷺ فعيره المشركون بذلك وقالوا تزوج امرأة ابنه فنزل قوله تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " الأحزاب ٤٠ وذكر في هذه الآية فقال " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " لكي لا يظن أحد أن امرأة الابن المتبنى تحرم عليه
ثم قال تعالى " وأن تجمعوا بين الأختين " يعني حرام عليكم أن تجمعوا بين الأختين في النكاح في حالة واحدة ثم قال " إلا ما قد سلف " يقول إلا ما قد مضى في الجاهلية وروى هشام بن عبيد الله عن محمد بن الحسن أنه قال كان أهل الجاهلية يعرفون هذه المحرمات كلها التي ذكر في هذه الآية إلا اثنتين أحدهما نكاح امرأة الأب والثانية الجمع بين الأختين ألا ترى أنه قال " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " ويقال " إلا ما قد سلف " يعني دع ما قد مضى " إن الله كان غفورا " لما كان في الجاهلية " رحيما " بما كان في الإسلام لمن تاب من ذلك
سورة النساء ٢٤
ثم قال تعالى " والمحصنات من النساء " قال في رواية الكلبي وفي رواية الضحاك يعني ذوات الأزواج حرام عليكم " إلا ما ملكت أيمانكم " من السبايا فإذا ملك الرجل امرأة لها زوج في دار الحرب واستبرأ رحمها بحيضة فهي حلال له وهذا موافق لما روي عن أبي سعيد الخدري أن المسلمين أصابوا يوم أوطاس سبايا لهن أزواج من المشركين فتأثم المسلمون منهن وقالوا لهن أزواج فأنزل الله تعالى " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم "


الصفحة التالية
Icon