٣٢٧
علم أن النشوز ليس من قبلها فإذا ظهر لهما الذي كان النشوز من قبله يقبلان عليه بالغلظة والزجر والنهي وذلك قوله تعالى " فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " " إن يريدا إصلاحا " يعني عدلا فينظران في أمرهما بالنصيحة والموعظة " يوفق الله بينهما " بالصلاح ويقال كل أثنين يقومان في الإصلاح بين اثنين بالنصيحة يقع الصلح بينهما لقوله تعالى " أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما "
ثم قال " إن الله كان عليما خبيرا " يعني " عليما " بهما " خبيرا " بنصيحتهما وفي هذه الآية دليل على إثبات التحكيم وليس كما يقول الخوارج إنه ليس الحكم لأحد سوى الله تعالى فهذه كلمة حق ولكن يريدون بها الباطل
سورة النساء الآية ٣٦
قوله تعالى " واعبدوا الله " قال بعضهم هذا الخطاب للكفار " واعبدوا الله " يعني وحدوا الله " ولا تشركوا به شيئا " يعني لا تثبتوا على الشرك ويقال الخطاب للمؤمنين " اعبدوا الله " يعني اثبتوا على التوحيد ولا تشركوا به ويقال " اعبدوا الله " يعني أطيعوا الله فيما أمركم به وأخلصوا له الأعمال " ولا تشركوا به شيئا " ويقال هذا الخطاب للمؤمنين وللمنافقين وللكفار فأمر المؤمنين بالطاعة والمنافقين بالإخلاص والكفار بالتوحيد وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال كل عبادة في القرآن إنما يعني بها التوحيد ويقال هذه الآيات محكمات في جميع الكتب وذكر فيها أحكاما كانت تعرف عن طريق العقل وإن لم ينزل به القرآن وهو قوله تعالى " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا " " وبالوالدين إحسانا " يعني احسنوا إلى الوالدين " وبذى القربى " يعني صلوا القرابات " واليتامى " يعني أحسنوا إلى اليتامى ويقال هذا للأوصياء بالقيام على أموالهم ثم قال " والمساكين " يعني عليكم بإطعام المساكين ثم قال " والجار ذي القربى " أي عليكم بالإحسان إلى الجار الذي بينك وبينه قرابه فله ثلاثة حقوق هكذا روي عن النبي ﷺ أن قال الجيران ثلاثة جار له ثلاثة حقوق وجار له حقان وجار له حق واحد فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فلجار القريب المسلم فله حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام والجار الذي له حقان وهو الجار المسلم الأجنبي فله حق الإسلام وحق الجوار والجار الذي له حق واحد هو الجار الكافر له حق الجوار
ثم قال تعالى " والجار الجنب " يعني الجار الذي لا قرابة بينهما وهو من قوم آخرين