٣٧٣
" والكتاب الذي نزل " بنصب النون والزاي " والكتاب الذي أنزل " بنصب الألف وقرأ الباقون نزل بضم النون وكسر الزاي و " وأنزل " بضم الألف على معنى فعل ما لم يسم فاعله
ثم قال تعالى " ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر " يعني من يجحد بوحدانية الله تعالى وملائكته أنهم عبيده وبرسله أنهم أنبياؤه وعبيده وبالبعث بعد الموت " فقد ضل " عن الهدى " ضلالا بعيدا " عن الحق
وقوله تعالى " إن الذين آمنوا ثم كفروا " وقال مقاتل يعني آمنوا بالتوراة وبموسى عليه السلام ثم كفروا من بعد موسى " ثم آمنوا " بعيسى عليه السلام والإنجيل " ثم كفروا " من بعده " ثم ازدادوا كفرا " بمحمد ﷺ وبالقرآن ويقال إن الذين آمنوا بموسى ثم كفروا بعيسى ثم آمنوا بمحمد ﷺ من قبل أن يبعث ثم كفروا به بعدما بعث " ثم ازدادوا كفرا " يعني ثبتوا على كفرهم وقال في رواية الكلبي آمنوا بموسى عليه السلام ثم كفروا به بعده ثم آمنوا بعزير ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا يعني بمحمد ﷺ وقال في رواية الضحاك نزلت في شأن أبي عامر الراهب وهو الذي بنى مسجد الضرار آمن بالنبي ﷺ ثم كفر ثم آمن ثم مات على كفره وقال الزجاج يجوز أن يكون محاربا آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر ويجوز أن يكون منافقا أظهر الإيمان وأبطن الكفر ثم آمن ثم كفر ثم ازداد كفرا بإقامته على النفاق فإن قيل إن الله تعالى لا يغفر كفرا مرة واحدة فأيش الفائدة في قوله " آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا " قيل له لأن الكافر إذا أسلم فقد غفر له ما قد سلف من ذنبه فإذا كفر بعد إيمانه لم يغفر الله له الكفر الأول فهو مطالب بجميع ما فعل في كفره الأول فذلك قوله عز وجل " لم يكن الله ليغفر لهم " يعني إذا ماتوا على كفرهم " ولا ليهديهم سبيلا " يعني لا يوفقهم طريقا
سورة النساء ١٣٨ - ١٣٩
ثم قال تعالى " بشر المنافقين " وذلك أنه لما نزل قوله تعالى " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " الفتح ٢ فقال المؤمنون هذا هنيئا لك فما لنا فنزل قوله تعالى " وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا " الأحزاب ٤٧ فقال المنافقون فما لنا فنزل قوله تعالى " بشر المنافقين " " بأن لهم عذابا أليما " يعني في الآخرة
ثم نعت المنافقين فقال " الذين يتخذون الكافرين " يعني اليهود " أولياء " في العون والنصرة " من دون المؤمنين " ثم عيرهم بذلك فقال " أيبتغون عندهم العزة " يعني يطلبون عندهم المنعة والظفر على محمد ﷺ وعلى أصحابه العزة في اللغة المنعة والغلبة كما يقال من عز بز أي من غلب سلب ويقال عز الشيء إذا اشتد وجوده
ثم ذكر أنه لا نصرة لهم من الكفار وإنما النصرة من الله تعالى فقال " فإن العزة لله


الصفحة التالية
Icon