٣٩٨
ثم قال " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط " يعني كونوا قوالين بالحق ثم قال " ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا " وذلك أن الله تعالى لما فتح عليهم مكة أمر الله المسلمين أن لا يكافئوهم بما سلف وأن يعدلوا في القول والحكم والنصفة وذلك قوله " اعدلوا " يعني قولوا بالحق والعدل " هو أقرب للتقوى " يعني فإنه أقرب للطاعة ثم قال " واتقوا الله " يقول واخشوا الله فيما أمركم به " إن الله خبير بما تعملون " من الطاعة وغيرها
ثم بين ثواب من عمل بطاعته فقال " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات " يعني الطاعات " لهم مغفرة " لذنوبهم " وأجر عظيم " يعني ثواب عظيم في الجنة ويقال إن أهل مكة قالوا بعدما أسلموا ما لنا في الآخرة وقد أخرجناك وأصحابك من مكة فنزل " وعد الله الذين آمنوا " بالله وبمحمد ﷺ " وعملوا الصالحات " بعد الإسلام " لهم مغفرة " لما فعلوا في حال الشرك " وأجر عظيم " في الآخرة
ثم قال " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا " يعني جحدوا وكذبوا بمحمد ﷺ والقرآن وماتوا على ذلك " أولئك أصحاب الجحيم " يعني مقيمين فيها أبدا
سورة المائدة ١١
قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم " وذلك أن النبي ﷺ لما قدم المدينة وصالح بني قريظة والنضير وهما قبيلتان بقرب المدينة من اليهود وأخذ منهم الميثاق بأن لا يكون بينهم القتال ويتعاونون فيما بينهم على الديات فدخل مستأمنان على رسول الله ﷺ فخرجا من عنده فقتلهما عمرو بن أمية الضمري ولم يعلم بأنهما مستأمنان فوداهما رسول الله ﷺ بدية حرين مسلمين فخرج رسول الله ﷺ مع أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم إلى بني النضير ليستعين بهم في ديتهما فقالوا مرحبا حتى نستأذن إخواننا من بني قريظة وقال في رواية الكلبي خرج إلى بني قريظة فقالوا حتى نستأذن أخواننا من بني النضير وفي رواية مقاتل خرج إلى بني النضير فقالوا حتى نستأذن أخواننا من بني قريظة وأدخلوهم دارا وأجلسوهم في صفة وجعلوا يجمعون السلاح وهموا بقتل رسول الله ﷺ وأصحابه وكانوا ينتظرون كعب بن الأشرف وكان غائبا فنزل جبريل عليه السلام وأخبر النبي ﷺ بالقصة فقام النبي ﷺ وخرج فلما أبطأ الرجوع قام أبو بكر فخرج ثم خرج عمر ثم خرج علي رضي الله عنهم فنزلت هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم " " إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم " يقول أداروا وتمنوا أن يمدوا أيديهم إليكم بالقتل " فكف أيديهم عنكم " بالمنع عنكم