٤٠٠
الكفيل عن القوم والنقابة والنكابة شبيه بالعرافة ويقال نقيبا يعني أمينا وقال ابن عباس نقيبا يعني ملكا حين بعثهم موسى إلى بيت المقدس جعل عليهم اثني عشر ملكا على كل سبط منهم ملك " وقال الله " تعالى للنقباء " إني معكم " ويقال " وقال الله " لبني إسرائيل حين أخذ عليهم الميثاق في التوراة " إني معكم " أي معينكم وحافظكم وناصركم " لئن أقمتم الصلاة " يعني ما دمتم أقمتم الصلاة " وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي " يعني صدقتم برسلي " وعزرتموهم " يعني أعنتموهم وقال القتبي أي عظمتموهم والتعزير التعظيم وقال السدي يعني نصرتموهم بالسيف وقال الأخفش يعني وقرتموهم وقويتموهم وقال الضحاك شرفتموهم بالنبوة كما شرفهم الله تعالى ويقال " آمنتم برسلي " أي أمرتم قومكم حتى يؤمنوا برسلي " وعزرتموهم " أي نصرتموهم " وأقرضتم الله قرضا حسنا " أي تأمرون قومكم بذلك
ثم بين جزاءهم وثوابهم إن فعلوا ذلك فقال تعالى " لأكفرن " أي لأمحون " عنكم سيئاتكم " يعني ذنوبكم " ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار " ثم قال " فمن كفر بعد ذلك " العهد والميثاق " منكم فقد ضل سواء السبيل " يعني أخطأ قصد الطريق
ثم قال عز وجل " فبما نقضهم ميثاقهم " يعني لما أخذ الله عليهم الميثاق نقضوا الميثاق فبنقضهم ميثاقهم " لعناهم " يعني لعنهم الله وطردهم من رحمته ويقال " لعناهم " يعني عذبناهم بالمسخ ويقال بالجزية ثم قال " وجعلنا قلوبهم قاسية " يعني يابسة ويقال خالية عن حلاوة الإيمان قرأ حمزة والكسائي " قسية " بغير ألف وقرأ الباقون " قاسية " ومعناهما واحد ويقال قست فهي قاسية وقسية
ثم قال " يحرفون الكلم " والكلم جمع كلمة يعني يغيرون صفة محمد ﷺ " عن مواضعه " يعني في كتابهم أي من بعدما وافق القرآن يعني عن صفة رسول الله ﷺ في كتابهم ويقال استحلوا ما حرم الله تعالى عليهم ولم يعملوا به فكان ذلك تغيير الكلم عن مواضعه ثم قال " ونسوا حظا " يعني تركوا نصيبا " مما ذكروا به " يعني مما أمروا به في كتابهم " ولا تزال تطلع على خائنة منهم " يعني لا يزال تظهر لك منهم الخيانة ونقض العهد
وقال القتبي عن أبي عبيدة إن العرب تضع لفظ الفاعل في موضع المصدر كقولهم للخوان مائدة وإنما يميد بهم ما في الخوان فيجوز أن يكون صفة للخائن كما يقال رجل طاغية ورواية للحديث ثم قال " إلا قليلا منهم " يعني مؤمنيهم لم ينقضوا العهد " فاعف عنهم " يعني اتركهم فلا تعاقبهم " واصفح " عنهم يعني أعرض عنهم " إن الله يحب المحسنين " الذين يعفون عن الناس وهذا قبل الأمر بقتال أهل الكتابين
سورة المائدة