٤١٣
سورة المائدة ٤٠ - ٤١
ثم قال عز وجل " ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض " يعني خزائن السموات المطر وخزائن الأرض النبات ويقال " له ملك السموات والأرض " يحكم فيها ما يشاء " يعذب من يشاء " إذا أصر على ذنوبه " ويغفر لمن يشاء " إذا تاب ورجع ومعناه أن السارق إذا تاب ورد المال لا يقطع ويتجاوز عنه وإن لم يتب قطعت يده ألا ترى أن الله تعالى قال " له ملك السموات والأرض يعذب " إذا لم يتب ويتجاوز إذا تاب فافعلوا أنتم مثل ذلك لأن الله تعالى مع قدرته يتجاوز عن عباده وهو قوله " والله على كل شيء قدير " من المغفرة والعذاب
قوله تعالى " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " نزلت في شأن أبي لبابة بن عبد المنذر وذلك أن النبي ﷺ لما حاصر بني قريظة فأشار إليهم أبو لبابة وكان حليفا لهم إنكم إن نزلتم من حصونكم قتلكم فلا تنزلوا فنزلت هذه الآية " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " أي يبادرون ويقعون في الكفر " من الذين قالوا آمنا بأفواههم " يعني يقولون ذلك بألسنتهم " ولم تؤمن قلوبهم " في السر وقال الضحاك نزلت الآية في شأن المنافقين كانت علانيتهم تصديقا وسرائرهم تكذيبا
قوله تعالى " ومن الذين هادوا سماعون للكذب " يعني قوالون للكذب وقال القتبي " سماعون " أي قابلون للكذب لأن الرجل يسمع الحق والباطل ولكن يقال لا تسمع من فلان أي لا تقبل ومعنى آخر إنهم يسمعون منك ليكذبوا عليك لأنهم إنما جالسوه لكي يقولوا سمعنا منه كذا وكذا وإنما صار " سماعون " رفعا لأن معناه هم " سماعون لقوم آخرين " يعني أهل خيبر وذلك أن رجلا وامرأة من أهل خيبر زنيا فكرهوا رجمهما فكتبوا إلى يهود بني قريظة أن يذهبوا بهما إلى رسول الله ﷺ فإن حكم بالجلد رضوا عنه بحكمه وإن حكم بالرجم لم يقبلوا منه وروى نافع عن ابن عمر أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله ﷺ وذكروا له أن رجلا وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ﷺ ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا يحممان ويجلدان يعني تسود وجوههما فقال عبد الله بن سلام كذبتم