٤١٩
" بالحق " يعني ببيان الحق ويقال بالعرض والحجة ولم ينزله بغير شيء " مصدقا لما بين يديه من الكتاب " يعني موافقا للتوراة والإنجيل والزبور في التوحيد وفي بعض الشرائع
ثم قال " ومهيمنا عليه " يقول شاهدا على سائر الكتب بأن الكتب الأول من الله تعالى ويقال " مهيمنا عليه " يعني قاضيا عليه ويقال ناسخا لسائر الكتب
وروي عن ابن عباس أنه قال مؤتمنا على ما قبله وقال القتبي أمينا عليه ويقال " ومهيمنا عليه " في معنى مؤتمن إلا أن الهاء أبدلت من الهمزة كما يقال هرقت الماء وأرقته وإياك وهياك
ثم قال " فاحكم بينهم بما أنزل الله " يعني فاحكم بين الناس بما أنزل الله تعالى في القرآن " ولا تتبع أهواءهم " يعني لا تعمل بأهوائهم ومرادهم " عما جاءك من الحق " يعني لا تترك الحكم بما بين الله تعالى في القرآن من بيان الحق الأحكام
ثم قال " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " يقول جعلنا لكل نبي شريعة والإيمان واحد ولم يختلف الرسل في الإيمان وإنما اختلفوا في الشرائع قال القتبي الشرعة والشريعة واحد يعني السنة والمنهاج الطريق الواضح وقال الزجاج الشرعة الدين والمنهاج الطريق وقد قيل هما شيء واحد وهو الطريق ويقال " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " معناه فرضت على كل أمة ما عملت أن صلاحهم فيه
ثم قال " ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " يعني لجعلكم على شريعة واحدة " ولكن ليبلوكم " يعني ليختبركم " فيما آتاكم " يعني أمركم من السنن والشرائع المختلفة ليتبين من يطيع الله فيما أمره ونهاه ومن يعصيه
ثم قال " فاستبقوا الخيرات " يعني بادروا بالطاعات والأعمال الصالحة وإلى الصف المقدم والتكبيرة الأولى
ثم قال " إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون " من الدين والسنن يوم القيامة فهذا وعيد وتهديد يعني لتستبقوا الخيرات ولا تتبعوا البدعة ولا تخالفوا الكتاب
ثم قال " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " وذلك أن يهود بني النضير قالوا فيما بينهم اذهبوا بنا إلى محمد ﷺ لعلنا نفتنه عن دينه وإنما هو بشر فأتوه فقالوا يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وسادتهم وأنا إن اتبعناك اتبعك اليهود ولن يخالفونا وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم فنؤمن بك فأبى النبي ﷺ ذلك فنزلت هذه الآية " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " يعني اقض بينهم بما في القرآن " ولا تتبع أهواءهم " في الحكم " واحذرهم أن يفتنوك " يعني يصرفوك " عن بعض ما أنزل الله إليك "
وقال في رواية الضحاك تزوج مجوسي ابنته فجاءت إلى النبي ﷺ وطلبت نفقتها فأمر


الصفحة التالية
Icon