٤٣٥
تركتم ملة عيسى عليه السلام ويقال إن كفار مكة عاتبوهم على إيمانهم وقالوا لم تركتم دينكم القديم وأخذتم الدين الحديث فقالوا " وما لنا لا نؤمن بالله " معناه وما لنا لا نصدق بالله أن محمدا ﷺ رسوله والقرآن من عنده " وما جاءنا من الحق " يعني وبما جاءنا من الحق " ونطمع " يقول نرجو " أن يدخلنا مع القوم الصالحين " يعني مع المؤمنين الموحدين في الجنة فمدحهم الله تعالى وحكى عن مقالتهم وأخبر عن ثوابهم في الآخرة فقال " فأثابهم الله بما قالوا " من التوحيد " جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين " يعني ثواب الموحدين المطيعين
وقد احتج بعض الناس بهذه الآية أن الإيمان هو مجرد القول لأنه قال " فأثابهم الله بما قالوا " ولكن لا حجة لهم فيها لأن قولهم كان مع التصديق وهو قوله تعالى " مما عرفوا من الحق " والقول بغير التصديق لا يكونا إيمانا
ثم بين عقوبة من ثبت على كفره ولم يؤمن فقال تعالى " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا " يعني من مات على ذلك " أولئك أصحاب الجحيم " والجحيم هو النار الشديدة الوقود يقال جحم فلان النار إذا شدد وقودها ويقال لعين الأسد جحمة لشدة توقدها
سورة المائدة ٨٧ - ٨٨
قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " نزلت في جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ وذلك أنهم سمعوا من النبي ﷺ وصف القيامة يوما وخوف النار والحساب اجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون فتوافقوا بأن يخصوا أنفسهم ويترهبوا فنهاهم الله عن ذلك ونزلت هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " إلى آخرها
قال حدثنا الفقيه أبو جعفر قال حدثنا أبو القاسم أحمد بن حميد قال حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن مدرك بن قزعة عن سعيد بن المسيب قال جاء عثمان بن مظعون إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله غلبني حديث النفس ولا أحب أن أحدث شيئا حتى أذكر لك قال ﷺ وما تحدثك نفسك يا عثمان قال تحدثني أن أختصي فقال مهلا يا عثمان فإن إخصاء أمتي الصيام قال يا رسول الله إن نفسي تحدثني أن أترهب في رؤوس الجبال فقال مهلا يا عثمان فإن ترهب أمتي الجلوس في المساجد لانتظار الصلوات قال يا رسول الله فإن نفسي تحدثني أن أسيح في الأرض قال مهلا يا عثمان فإن سياحة أمتي الغزو في سبيل الله والحج والعمرة قال فإن نفسي تحدثني أن أخرج من مالي كله قال مهلا يا عثمان فإن صدقتك يوما بيوم


الصفحة التالية
Icon