٤٥٨
العذاب " فحاق بالذين " يقول وجب ونزل بالذين " سخروا منهم ما كونوا به يستهزئون " بالرسل ويقال " فحاق " أي فرجع وقال أهل اللغة الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعلته نفسه كقوله تعالى " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " فاطر ٤٣ وقال الضحاك كان النبي ﷺ جالسا في المسجد الحرام مع المستضعفين من المؤمنين بلال بن رباح وصهيب بن سنان وعمار بن ياسر وغيرهم من المسلمين فمر بهم أبو جهل بن هشام في ملأ من قريش وقال يزعم محمد أن هؤلاء ملوك أهل الجنة فأنزل الله تعالى على رسوله هذه الآية ليثبت بها فؤاده ويصبره على أذاهم فقال " ولقد استهزئ برسل من قبلك " يعني إن سخر أهل مكة من أصحابك فقد فعل ذلك الجهلة برسلهم فجعل الله تعالى دائرة السوء على أهل ذلك الاستهزاء
سورة الأنعام ١١ - ١٢
ثم أمر المشركين بأن يعتبروا بمن قبلهم وينظروا إلى آثارهم في الأرض فقال تعالى " قل سيروا في الأرض " أي قل لأهل مكة سافروا في الأرض " ثم انظروا " يعني اعتبروا " كيف كان عاقبة " يعني آخر أمر " المكذبين " بالرسل والكتب وقال الحسن " سيروا في الأرض " يعني اقرؤوا القرآن فانظروا كيف كان عاقبة المتقدمين في العذاب فقال أهل مكة للنبي ﷺ إن فعلت هذا الفعل لطلب المال فاترك هذا الفعل فإنا نجمع لك مالا تصير به أغنى أهل مكة فنزل " قل لمن ما في السموات والأرض " فإن أجابوك وإلا ف " قل لله " يعني ما في السموات وما في الأرض كلها الله تعالى يعطي منها من يشاء من عباده
ثم قال " كتب على نفسه الرحمة " فلا يعذبكم في الدنيا وروى عطاء عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال إن لله مائة رحمة أنزل منها واحدة فقسمها بين الخلق فبها يتراحمون وبها تعطف الوحوش على أولادها وادخر لنفسه تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة
ثم قال " ليجمعنكم إلى يوم القيامة " يعني ليجمعنكم يوم القيامة وهذا كما يقال جمعت هؤلاء إلى هؤلاء أي ضممت بينهم في الجمع " لا ريب فيه " يعني في البعث أنه كائن
ثم نعتهم فقال " الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون " وقال بعضهم هذا ابتداء وخبره " لا يؤمنون " وقال بعضهم هذا بدل من قوله " ليجمعنكم "