٤٦٦
به قومه فقال إن عظم عليك إعراضهم عن الإيمان ولا تصبر على تكذيبهم إياك " فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض " يعني إن قدرت أن تطلب سربا في الأرض والنافقاء إحدى جحر اليربوع " أو سلما في السماء " يعني مصعدا إلى السماء " فتأتيهم بآية " فافعل ذلك وجه الإضمار وهذا كما قال في آية أخرى " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والأخرة فليمدد بسبب إلى السماء " الحج ١٥ الآية
وروى محمد بن المنكدر أن جبريل عليه السلام قال للنبي ﷺ إن الله أمر السماء أن تطيعك وأمر الأرض أن تطيعك وأمر الجبال أن تطيعك فإن أحببت أن ينزل عذابا عليهم قال يا جبريل أوخر عن أمتي لعل الله يتوب عليهم
ثم قال تعالى " ولو شاء لجمعهم على الهدى " يعني لهداهم إلى الإيمان ويقال ولو شاء الله لاضطرهم إلى الهدى كما قال في آية أخرى " إن نشأ ننزل عليهم من السماء أية فظلت أعناقهم لها خاضعين " الشعراء ٤ ومعناه ولو شاء الله لجمعهم على الهدى قهرا وجبرا ولكن ما فعل وكلفهم وتركهم باختيارهم
ثم قال " فلا تكونن من الجاهلين " يعني بأنه لو شاء لهداهم وقال الضحاك يعني القدر خيره وشره من الله تعالى فلا تجعل معرفة ذلك بعد البيان وقيل " فلا تكونن من الجاهلين " بأنه يؤمن بك البعض وإن لم يؤمن بك البعض وإنما يؤمن بك الذي وفقه الله تعالى للهدى وهو أهل لذلك
سورة الأنعام ٣٦ - ٣٧
ثم قال تعالى " إنما يستجيب الذين يسمعون " يعني يطيعك ويصدقك الذين يسمعون منك كلام الهدى والمواعظ قال الزجاج يعني يسمع سماع قابل فالذي لا يقبل كأنه أصم كما قال القائل أصم عما سواه سميع ويقال " فلا تكونن من الجاهلين " بأنه يؤمن بك بعضهم ولن يؤمن بك البعض وإنما يؤمن بك الذي وفقه الله للهدى وهو أهل لذلك وقال " إنما يستجيب الذين يسمعون " يعني يعقلون الموعظة
ثم قال " والموتى يبعثهم الله " يعني كفار مكة سماهم الله موتى لأنه لا منفعة لهم في حياتهم " يبعثهم الله " يعني يحييهم بعد الموت " ثم إليه يرجعون " يعني الكفار في الآخرة فينبئهم بأفعالهم فهذا تهديد لهم
قوله تعالى " وقالوا لولا نزل عليه " يعني أن الكفار قالوا هلا نزل عليه " آية من ربه " يعني علامة لنبوته " قل إن الله قادر على أن ينزل آية " كما سألوك " ولكن أكثرهم لا يعلمون "