٤٨٢
وخلقك وخلق نمروذ فغضب أبوه فرجع عنه ثم دخلت عليه رأفة الوالد لولده فرجع إليه وقال له ادخل المصر لتكون معنا فدخل فرأى القوم يعبدون الأصنام فدعوه إلى عبادة الأصنام ف " قال " لهم حينئذ " يا قوم إني بريء مما تشركون " فقيل له من تعبد أنت يا إبراهيم فقال أعبد الله الذي خلقني وخلق السموات والأرض فذلك قوله تعالى " إني وجهت وجهي " يعني أخلصت ديني وعملي " للذي فطر السموات " يعني خلق السموات " والأرض حنيفا " يقول إني وجهت وجهي له مخلصا مستقيما " وما أنا من المشركين " على دينكم ويقال إن قوله " هذا ربي " قال ذلك لقومه على جهة الاستهزاء بهم كما قال " بل فعله كبيرهم هذا " الأنبياء٦٣ ويقال أراد بهذا أن يستدرجهم فيظهر قبح قولهم وفعلهم وخطأ مذهبهم وجهلهم لأنهم كانوا يعبدون النجوم والشمس والقمر فلما رأى الكوكب قال لهم " هذا ربي " وأظهر لهم أنه يعبد ما يعبدون فلما غاب الكوكب قال لهم " لا أحب الآفلين " فأخبرهم بأن الآفل لا يصلح أن يكون إلها ثم قال في الشمس والقمر هكذا كما روي عن عيسى عليه السلام أنه بعث رسولا إلى ملك أرض الروم فلما انتهى إليهم جعل يسجد ويصلي عند الصنم ويريهم أنه يعبد الصنم وهو يريد عبادة الله تعالى ثم أن الملك ظهر له عدو فقالوا لهذا الرسول أشر علينا بشيء في هذا الأمر فقال لهم نتشفع إلى هذا الذي تعبدونه فجعلوا يسجدون له ويتشفعون إليه فلا يسمعون منه جوابا فقالوا أنه لا ينفعنا شيئا قال لهم لم نعبد من لا يدفع عنا ضرا ارجعوا حتى نعبد من ينفعنا فقالوا له لمن نعبد قال لرب السماء فجعل يدعو ويدعون حتى فرج الله عنهم فآمن به بعضهم وكذلك هاهنا أراد إبراهيم أن يريهم قبح ما يعبدون من دون الله لعلهم يرجعون فلما لم يرجعوا قال " يا قوم إني بريء مما تشركون " قرأ حمزة والكسائي " رأى كوكبا بكسر الراء والألف وهي لغة لبعض العرب والنصب أفصح
سورة الأنعام ٨٠ - ٨٣
قوله تعالى " وحاجة قومه " معناه وحاجة قومه في الله ويقال وحاجة قومه في دين الله يعني خاصموه ف " قال " لهم إبراهيم " أتحاجوني في الله " يعني أتخاصموني في دين الله " وقد هدان " لدينه قرأ نافع وابن عامر " أتحاجوني " بتشديد الجيم وتخفيف النون وقرأ الباقون