٥٠
وقوله " وبالآخرة هم يوقنون " يعني يقرون بيوم القيامة والجنة والنار والبعث والحساب والميزان واليقين على ثلاثة أوجه يقين عيان ويقين خبر ويقين دلالة فأما يقين العيان إذا رأى شيئا زال الشك عنه في ذلك الشيء وأما يقين الدلالة فهو أن يرى دخانا يرتفع من موضع يعلم باليقين أن هناك نارا وإن لم يرها وأما يقين الخبر فإن الرجل يعلم باليقين أن في الدنيا مدينة يقال لها بغداد وإن لم يكن يعاينها فها هنا يقين خبر ويقين دلالة أن الآخرة حق ولكن تصير معاينة عند الرؤية
قوله تعالى " أولئك على هدى من ربهم " يعني أهل هذه الصفة الذين سبق ذكرهم على بيان من الله تعالى يعني أكرمهم الله تعالى في الدنيا حيث هداهم وبين لهم طريقهم
وقوله تعالى " وأولئك هم المفلحون " في الآخرة يعني هم الناجون يعني أن الله تعالى أكرمهم في الدنيا بالبيان وفي الآخرة بالنجاة وقد قيل الفلاح هو البقاء في النعمة وقد قيل الفلاح إذا بلغ الإنسان نهاية ما يأمل ويقال معناه قد وجدوا ما طلبوا ونجوا من شر ما هربوا منه وكل ما في القرآن " المفلحون " فتفسيره هكذا
سورة البقرة آية ٦
قوله تعالى " إن الذين كفروا " " إن " هاهنا للتأكيد وهو حرف من حروف القسم والكفر في اللغة هو الستر يقال ليلة كافرة إذا كانت شديدة الظلمة وإنما سمي الكافر كافرا لأنه يستر نعمة الله تعالى
وقوله عز وجل " سواء عليهم أأنذرتهم " قرأ أهل الكوفة وعاصم وحمزة والكسائي بهمزتين " أأنذرتهم " وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر في رواية هشام بهمزة واحدة مع المد " آنذرتهم " وتفسير القراءتين لا يختلف قال مقاتل نزلت هذه الآية في مشركي قريش منهم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل وغيرهم وقال الكلبي نزلت في رؤساء اليهود منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب قال الكلبي وليس هو بأخي حيي وقال بعضهم هو أخو حيي دخلوا على النبي ﷺ حيث سألوه عن " الم " و " المص " خرجوا من عنده فنزل قوله " إن الذين كفروا " يعني جحدوا القرآن
" سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم " يعني خوفتهم أو لم تخوفهم " لا يؤمنون " أي لا