٥٠١
أن الجن قد خدعونا وأضلونا " وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا " يعني ما كتبت علينا من الشقاوة " قال النار مثواكم " يعني منزلكم وهم الجن والإنس " خالدين فيها " مقيمين في النار " إلا ما شاء الله " قال الكلبي مشيئة الله من كل شيء ويقال إلا ما شاء الله البرزخ والقيامة يعني قد شاء لهم الخلود فيها ويقال " إلا ما شاء الله " من إخراج من يخرج منها من أهل التوحيد " إن ربك حكيم عليم "
ثم قال تعالى " وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا " يعني نسلط بعض كفار الجن على كفار الإنس ويقال نولي بعض الظالمين على بعضه فيهلكه أو يذله وهذا كلام لتهديد الظالم لكي يمتنع عن ظلمه لأنه لو لم يمتنع لسلط الله عليه ظالما آخر ويدخل في الآية جميع من يظلم ومن ظلم في رعيته أو التاجر يظلم الناس في تجارته أو السارق وغيرهم وقال فضيل بن عياض إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم فقف وانظر فيه متعجبا وقال ابن عباس إذا رضي الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم وإذا سخط الله على قوم أمرهم شرارهم بما كانوا يكسبون ثم تلا قوله " وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا "
عن مالك بن دينار قال قرأت فيما أنزل الله في بعض الكتب المنزلة أن الله تعالى يقول إني أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي ونواصيها بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا إلي أجعلهم عليكم رحمة
ثم قال " بما كانوا يكسبون " يعني يسلط بعضهم على بعض بأعمالهم الخبيثة
سورة الأنعام ١٣٠ - ١٣١
ثم قال " يا معشر الجن والإنس " يقول لهم " ألم يأتكم رسل منكم " قال مقاتل بعث الله تعالى رسلا من الجن إلى الجن ومن الإنس إلى الإنس ويقال رسل الجن التسعة الذين سمعوا القرآن من رسول الله ﷺ ورجعوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا أجيبوا داعي الله ويقال " ألم يأتكم رسل منكم " يعني من الإنس خاصة وقال ابن عباس كانت الرسل تبعث إلى الإنس وأن محمدا ﷺ بعث إلى الجن والإنس
ثم قال تعالى " يقصون عليكم " يقول يقرؤون ويعرضون عليكم " آياتي " يعني القرآن " وينذرونكم " يعني يخوفونكم " لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا " يعني يقولون بلى أقررنا أنهم قد بلغوا وكفرنا بهم يعني كما قالت الرسل وذلك بعدما شهد عليهم سمعهم وأبصارهم يقول الله تعالى " وغرتهم الحياة الدنيا " يعني ما في الدنيا من زهرتها وزينتها