٥٠٩
١٤٧
ثم بين لهم ما حرم عليهم فقال الله تعالى " قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما " يعني لا أجد فيما أنزل علي من القرآن شيئا محرما " على طاعم يطعمه " يعني على آكل يأكله " إلا أن يكون ميتة " قرأ ابن عامر " إلا أن تكون ميتة " بالتاء على لفظ التأنيث لأن الميتة مؤنث وقرأ " ميتة " بالضم لأنه اسم كان وقرأ حمزة وابن كثير " إلا أن تكون " بالتاء بلفظ التأنيث " ميته " بالنصب فجعل الميتة خبرا لكان والاسم فيه مضمر وقرأ الباقون " إلا أن يكون " بلفظ التذكير " الميتة " بالنصب وإنما جعلوه مذكرا لأنه انصرف إلى المعنى ومعناه إلا أن يكون المأكول ميتة " أو دما مسفوحا " يعني سائلا جاريا " أو لحم خنزير فإنه رجس " أي حرام " أو فسقا " يعني معصية " أهل لغير الله به " يعني لغير اسم الله قد ذبح وقال بعضهم في الآية تقديم وتأخير ومعناه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أو فسقا أهل لغير الله به فإنه رجس يعني جميع ما ذكر في الآية هو رجس ويقال الرجس هو نعت للحم الخنزير خاصة
وروى عمر بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء فبعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو وتلا هذه الآية " قل لا أجد فيما أوحي إلي " الآية يعني ما لم يبين تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية وروى أبو بكر الهذلي عن الحسن أنه قال والله لولا حديث سلمة بن المحبق ما لبسنا خفافكم هذه ولا نعالكم ولا فراءكم حتى نعلم ما هي قال أبو بكر فذكرت ذلك للزهري فقال صدق الحسن ولك عندي أوسع من هذا حدثني عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس أنه قرأ " قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما " الآية قال إنما حرم من الميتة اكلها وما يؤكل منها وهو اللحم أما الجلد والعظم والشعر والصوف فحلال قال وقد احتج بعض الناس بهذه الآية على أن ما سوى هذه الأشياء التي ذكر في الآية مباح ولكن نحن نقول قد حرم أشياء سوى ما ذكر في الآية مباح وقد بين على لسان رسول الله ﷺ من ذلك كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وقد قال تعالى " وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهكم عنه فانتهوا " الحشر٧
ثم قال تعالى " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم " وقد ذكرنا تأويل الآية ثم قال " وعلى الذين هادوا حرمنا " يعني أن هذه الأشياء التي ذكرنا في الآية كانت حراما في الأصل وقد حرم الله أشياء كانت حلالا في الأصل على اليهود بمعصيتهم " كل ذي ظفر " يعني الإبل والنعامة والبط والأوز وكل شيء له خف وقال القتبي " كل ذي ظفر "


الصفحة التالية
Icon