٥١٢
" ذلكم وصاكم به " يقول أمركم به في القرآن " لعلكم تعقلون " أمر الله بما حرمه في هذه الآيات وروي عن عبد الله بن مقسم عن ابن عباس قال هذه الآيات المحكمات " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم " إلى ثلاث آيات وقال الربيع بن خثيم لرجل هل لك في صحيفة عليها خاتم محمد ﷺ ثم قرأ هذه الآيات " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم " ويقال هذه الآيات هن أم الكتاب وهن إمام في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ولا يجوز أن يرد عليها النسخ
ثم قال " ولا تقربوا مال اليتيم " يقول لا تأكلوا مال اليتيم ولا تباشروه " إلا بالتي هي أحسن " يعني إلا بالقيام عليه لإصلاح ماله " حتى يبلغ أشده " يعني احفظوا ماله حتى يبلغ رشده قال مقاتل يعني ثماني عشرة سنة وقال الكلبي الأشد ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة ويقال حتى يبلغ مبلغ الرجل ويقال بلوغ الأشد ما بين ثماني عشرة إلى أربعين سنة
ثم قال " وأوفوا الكيل والميزان " يعني أتموا الكيل والميزان عند البيع والشراء " بالقسط " يعني بالعدل " لا نكلف نفسا إلا وسعها " يعني إلا جهدها في العدل يعني إذا اجتهد الإنسان في الكيل والوزن فلو وقعت فيه زيادة قليلة أو نقصان فإنه لا يؤاخذ به إذا اجتهد جهده
قوله تعالى " وإذا قلتم فاعدلوا " يعني اصدقوا وقولوا الحق " ولو كان ذا قربى " يعني وإن كان الحق على ذي قرابة فقولوا الحق ولا تمنعوا الحق " وبعهد الله أوفوا " يقول أتموا العهود التي بينكم وبين الله تعالى والعهد الذي بينكم وبين الناس " ذلكم وصاكم به " يقول أمركم به في الكتاب " لعلكم تذكرون " يعني تتعظون فتمتنعون عما حرم الله عليكم قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " تذكرون " بتخفيف الذال وقرأ الباقون بالتشديد لأن أصله تتذكرون فأدغم إحدى التاءين في الذال
قوله تعالى " وأن هذا صراطي مستقيما " قرأ حمزة والكسائي وعاصم " وإن هذا " بكسر الألف على معنى الابتداء وقرأ الباقون بالنصب على معنى البناء وقرأ ابن عامر " وأن هذا " بجزم النون لأن " أن " إذا خففت منعت عملها ومعنى الآية هذا الإسلام ديني الذي ارتضيته طريقا مستقيما " فاتبعوه ولا تتبعوا السبل " يعني لا تتبعوا دين اليهودية والنصرانية ويقال " هذا صراطي مستقيما " يعني طريق السنة والجماعة " فاتبعوه ولا تتبعوا السبل " يعني الأهواء المختلفة وروي عن عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ خط بالأرض خطا مستقيما ثم خط بجنبيه خطوطا ثم قال هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل يعني الطريق الذي بجنبي الخط يعني به الأهواء المختلفة
ثم قال " فتفرق بكم عن سبيله " يعني فيضلكم عن دينه " ذلكم وصاكم به لعلكم