٥٢٢
للملائكة اسجدوا لآدم وهي سجدة التحية لا سجدة الطاعة فالعبادة لله تعالى والتحية لآدم " فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين " يعني لم يسجد مع الملائكة لآدم " قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك " يعني أن تسجد ولا زيادة ومعناه ما منعك عن السجود إذ أمرتك بالسجود لآدم " قال " إبليس إنما لم أسجد لأني " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " يعني هذا الذي منعني عن السجود فاشتغل اللعين بالقياس والقياس موضع النص باطل لأنه لما أقر بأنه هو الذي خلقه فقد أقر بأن أمره عليه واجب وعليه أن يأتمر بأمره ومع ذلك لو كان القياس جائزا لكان قياسه فاسدا لأن الطين أفضل من النار لأن عامة الثمار والفواكه والحبوب تخرج من الطين ولأن العمارة من الطين والنار للخراب
ثم قال له ربه عز وجل " فاهبط منها " قال مقاتل يعني اهبط من الجنة " فما يكون لك أن تتكبر فيها " يعني في الجنة وقال الكلبي " فاهبط منها " يعني أخرج من الأرض والحق بجزائر البحور فلا تدخل الأرض إلا كهيئة السارق وعليه الخمار يروغ فيها " فما يكون لك أن تتكبر فيها " يعني ما ينبغي لك أن تتكبر في هذه الأرض على نبي آدم " فاخرج إنك من الصاغرين " يعني من المهانين المذلين
قوله تعالى " قال أنظرني إلى يوم يبعثون " يعني أجلني إلى يوم البعث اليوم الذي يخرج الناس من قبورهم قال ابن عباس أراد الخبيث ألا يذوق الموت فأبى الله تعالى أن يعطيه ذلك " قال إنك من المنظرين " يعني إلى النفخة الأولى فحينئذ تذوق الموت وتصيبه المرارة بعد الأولين والآخرين
قوله تعالى " قال فبما أغويتني " قال الكلبي يعني فكما أضللتني وقال مقاتل يعني أما إذا أضللتني وقال بعضهم " فبما أغويتني " يعني فبما دعوتني إلى شيء غويت به " لأقعدن لهم صراطك المستقيم " يعني لأقعدن لهم على طريقك المستقيم وهو دين الإسلام فأصد الناس عن ذلك " ثم لأتينهم من بين أيديهم " روى أسباط عن السدي قال " من بين أيديهم " الدنيا أدعوهم إليها " ومن خلفهم " الآخرة أشككهم فيها " وعن أيمانهم " قال الحق أشككهم فيه " وعن شمائلهم " قال الباطل أخففه عليهم وأرغبهم فيه
وقال في رواية الكلبي " ثم لآتينهم من بين أيديهم " من أمر الآخرة فأزين لهم التكذيب بالبعث بأنه لا جنة ولا نار " ومن خلفهم " من أمر الدنيا فأزينها في أعينهم وأرغبهم فيها فلا يعطون حقا " وعن أيمانهم " أي من قبل دينهم فإن كانوا على الضلالة زينتها لهم وإن كانوا على الهدى شبهته عليهم حتى يشكوا فيه ويقال " وعن شمائلهم " من قبل اللذات والشهوات ويقال " وعن أيمانهم " باليهودية والنصرانية " وعن شمائلهم " بالأهواء المختلفة ويقال معناه لآتيناهم بالإضلال من