٥٢٩
سورة الأعراف ٣٥ - ٣٧
ثم قال الله تعالى " يا بني آدم إما يأتينكم " وأصله إن ما معناه حتى ما يأتيكم " رسل منكم " يعني من جنسكم " يقصون عليكم آياتي " يعني يقرؤون ويعرضون عليكم كتابي " فمن اتقى وأصلح " يعني اتقى الشرك وأطاع الرسول وأصلح العمل ويقال " فمن اتقى " عما نهى الله عنه " وأصلح " يعني عمل بما أمر الله به " فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " يعني " لا خوف عليهم " من العذاب " ولاهم يحزنون " من فوات الثواب ويقال " فلا خوف عليهم " فيما يستقبلهم " ولا هم يحزنون " على ما خلفوا من الدنيا ويقال معناه إما يأتينكم رسل منكم فأيقنتم " فلا خوف عليكم " فيما يستقبلكم
فذكر الله ثواب من اتقى وأصلح ثم بين عقوبة من لم يتق ولم يصلح فقال عز وجل " والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها " يعني تعظموا عن الإيمان فلم يؤمنوا بالرسل وتكبروا عن الإيمان " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " أي دائمون
قوله تعالى " فمن أظلم " قال الكلبي فمن أكفر وقال بعضهم هذا التفسير خطأ لأنه لا يصح أن يقال هذا أكفر من هذا ولكن معناه ومن أشد في كفره ويقال فلا أحد أظلم ويقال أي ظلم أشنع وأقبح " ممن افترى على الله كذبا " يعني من اختلق على الله كذبا أي شركا " أو كذب بآياته " يعني جحد بمحمد وبالقرآن " أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب " يعني حظهم من العذاب ويقال " نصيبهم من الكتاب " حظهم مما وعد الله لهم الكتاب الإهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة وقال ابن عباس هو ما ذكر في موضع آخر " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة " ويقال " نصيبهم من الكتاب " أي ما قضي وقدر عليهم في اللوح المحفوظ من السعادة والشقاوة ويقال " نصيبهم " أي رزقهم وأجلهم في الدنيا " حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم " يعني أمهلهم حتى يأتيهم ملك الموت وأعوانه عند قبض أرواحهم " قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله " يعني الملائكة يقولون لهم ذلك عند قبض أرواحهم ويقال تقول ذلك خزنة جهنم قبل دخولها " أين ما كنتم تدعون " أي تعبدون من الآلهة يمنعونكم من النار " قالوا ضلوا عنا " يعني اشتغلوا عنا بأنفسهم " وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين " في الدنيا وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم