٥٤٨
شعيب " قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم " يقول قد اختلقنا على الله كذبا إن دخلنا في دينكم " بعد إذ نجانا الله منها " ويقال معناه كنا كاذبين مثلكم لو دخلنا في دينكم بعد إذ نجانا الله منها ويقول أكرمنا الله تعالى بالإسلام ولم يجعلنا من أهل الكفر وأنقذنا من ملتكم ويقال " بعد إذ " أكرمنا الله بالإسلام ولم يجعلنا من أهل الكفر " وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا " يعني ما ينبغي لنا وما يجوز لنا أن ندخل في ملتكم إلا أن يشاء الله يعني لا يشاء الله الكفر مثل قولك لا أكلمك حتى يبيض القار وحتى يشيب الغراب وهذا طريق المعتزلة
ثم قال " وسع ربنا كل شيء علما " يعني علم ما يكون منا من الخلق " على الله توكلنا " يعني فوضنا أمرنا إلى الله لقولهم " لنخرجنك يا شعيب " " ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق " يقول اقض بيننا وبين قومنا بالعدل وروى قتادة عن ابن عباس قال ما كنت أدري ما معنى قوله " ربنا افتح بيننا " حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول لعلي بن أبي طالب تعالى أفاتحك يعني أحاكمك وقيل أخاصمك وقال القتبي الفتح أن تفتح شيئا مغلقا كقوله " حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " الزمر ٧٣ وسمي القضاء فتحا لأن القضاء فصل الأمور وفتح لما أشكل منها " وأنت خير الفاتحين " يعني خير الفاصلين
قوله تعالى " وقال الملأ الذين كفروا من قومه لأن اتبعتم شعيبا " يعني لئن أطعتم شعيبا في دينه " إنكم إذا لخاسرون " يعني جاهلين فلما وعظهم شعيب ولم يتعظوا أخبرهم أن العذاب نازل بهم فلم يصدقوه فخرج شعيب ومن آمن معه من بين أظهرهم فأصابهم يعني أهل القرية حر شديد فخرجوا من القرية ودخلوا غيضة كانت عند قريتهم وهي الأيكة كما قال في آية أخرى " كذب أصحاب لئيكة المرسلين " الشعراء ١٧٦ فأرسل الله تعالى نارا فأحرقت الأشجار ومن فيها من الناس ويقال أصابتهم الزلزلة فأتتهم نار فأحرقتهم فذلك قوله " فأخذتهم الرجفة " يعني الزلزلة والحر الشديد فهلكوا واحترقوا " فأصبحوا في دارهم جاثمين " يعني صاروا ميتين
قوله تعالى " الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها " يقال معناه من كان رآهم بعد إهلاكنا إياهم ظن أنه لم يكون هناك أحد يعني لم يعيشوا فيها قط وقال قتادة " كأن لم يغنوا " يعني كأن لم يتنعموا " فيها " ويقال كأن لم يعمروا ثم قال " الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين " يعني المغبونين في العقوبة يعني إنهم كانوا يقولون لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون فصار الذين كذبوا هم الخاسرون لا الذين آمنوا به