٦٥
زعم أن القرآن قول البشر فقد أشرك الله تعالى وصار ناقضا للعهد ويقال الميثاق الذي يعرف كل واحد ربه إذا تفكر في نفسه فكان ذلك بمنزلة أخذ الميثاق عليه وجميع ما في القرآن من ذكر الميثاق فهو على هذه الأوجه الثلاثة
وقوله تعالى " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل " روى الضحاك وعطاء عن ابن عباس أنه قال ( إنهم أمروا أن يؤمنوا بجميع الأنبياء فآمنوا ببعضهم ولم يؤمنوا ببعضهم ) فهذا معنى قوله " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل " ويقال أمروا بصلة القرابات فقطعوا الأرحام فيما بينهم ويقال كان بين اليهود والعرب قرابة من وجه لأن العرب كانت من أولاد إسماعيل واليهود من أولاد إسحاق فإذا لم يؤمنوا بالنبي ﷺ فقد قطعوا ذلك الرحم الذي كان بينهم
وقوله تعالى " ويفسدون في الأرض " لأنهم يكفرون ويأمرون غيرهم بالكفر فذلك فسادهم في الأرض " أولئك هم الخاسرون " أي المغبونون بالعقوبة وقال الكلبي ليس من مؤمن ولا كافر إلا وله منزل وأهل وخدم في الجنة فإن أطاع الله تعالى أتى أهله وخدمه ومنزله في الجنة وإن عصى الله تعالى ورثه الله تعالى المؤمنين فقد غبن عن أهله وخدمه كما قال في آية أخرى " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة " الزمر ١٥ وقال بعضهم هذا التفسير لا يصح لأنه لا يجوز أن يقال للكافر منزل في الجنة وخدم ولكن يقال له هذا على وجه المثل أن الكافر لو آمن كان له منزل وخدم في الجنة إلا أن الكلبي لم يقل ذلك من ذات نفسه وإنما رواه عن أبي صالح عن ابن عباس
سورة البقرة آية ٢٨
قوله تعالى " كيف تكفرون بالله وكنتم " قال ابن عباس هو على وجه التعجب وقال الفراء هو على وجه التوبيخ والتعجب لا على وجه الاستفهام فكأنه قال ويحكم كيف تكفرون وتجحدون بوحدانية الله تعالى فإن قيل كيف يجوز التعجب من الله تعالى والتعجب وإنما يكون ممن سمع شيئا لم يكن سمعه أو رأى شيئا لم يكن رآه فيتعجب لذلك والله تعالى قد علم الأشياء قبل كونها قيل له التعجب من الله تعالى يكون على وجه التعجيب والتعجب هو أن يدعو إلى التعجب فكأنه يقول ألا تتعجبون أنهم يكفرون بالله تعالى وهذا كما قال في آية أخرى " وإن تعجب فعجب قولهم " الرعد ٥