٧٢
رحمة الله واسعة فأخذت من ثمرها فأكلت ثم قالت لآدم هل أصابني شيء بأكلها وإنما لم يصبها شيء بأكلها لأنها كانت تابعة وآدم متبوعا فما دام المتبوع على الصلاح يتجاوز عن التابع فإذا فسد المتبوع فسد التابع ثم أخذت ثمرة أخرى فدفعت إلى آدم فلما أكل آدم لم تصل إلى جوفه حتى أخذتهما الرعدة وسقط عنهما من الحلي والحلل وغيرهما وعريا عن الثياب حتى بدت عورتهما فاستحييا وهربا قال الله تعالى أمني تهرب يا آدم قال لا ولكن حياء من ذنبي فأخذا من أوراق التين وألصقا على عوراتهما ثم أمرهما الله تعالى بإن يهبطا منها إلى الأرض فوقع آدم بأرض الهند وحواء بجدة والحية بأصبهان وإبليس في جزائر البحر وروي عن ابن عباس أنه قال إنما سمي الإنسان إنسانا لأن الله تعالى عهد إليه فنسي ) يعني ترك
وقوله تعالى " وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو " يعني آدم وحواء والحية وإبليس فبقي بين إبليس وبين آدم عداوة إلى يوم القيامة وكذلك بين الحية وبين أولاد آدم عداوة ظاهرة
ثم قال " ولكم في الأرض مستقر " يعني موضع القرار وقوله " ومتاع إلى حين " يعني الحياة والعيش إلى حين يعني الموت
سورة البقرة آية ٣٧
قوله تعالى " فتلقى آدم من ربه كلمات " قرأ ابن كثير " فتلقى آدم " فنصب آدم ورفع الكلمات وقرأ غيره برفع " آدم " وكسر الكلمات فأما من قرأ " فتلقى آدم " بالرفع فمعناه أخذ وقبل من ربه ويقال تلقى وتلقف بمعنى واحد في اللغة وأما من قرأ بنصب " فتلقى آدم " يعني استقبلته الكلمات من ربه يقال تلقيت فلانا بمعنى استقبلته ومعنى ذلك كله أن الله تعالى ألهمه بكلمات فاعتذر بتلك الكلمات وتضرع إليه فتاب الله عليه
وقال مجاهد تلك الكلمات هي قوله تعالى " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا " الأعراف٢٣ الآية وقال بعضهم قال بحق محمد أن تقبل توبتي قال الله تعالى له من أين عرفت محمدا قال رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمدا رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك عليك فتاب الله عليه وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال تلك الكلمات هي قوله سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت رب عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم الثاني فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين الثالث فارحمني إنك أنت خير الراحمين
وقوله تعالى " فتاب عليه " يعني فقبل توبته يقال تاب العبد إلى ربه وتاب الله على عبده فهذا اللفظ مشترك إلا أنه إذا ذكر من العبد يقال تاب إلى الله وإذا ذكر من الله تعالى يقال على فيقال تاب العبد إلى ربه إذا رجع عن ذنبه وتاب الله على عبده إذا قبل


الصفحة التالية
Icon